القائمـة البريدية
أدخل عنوان بريدك ليصلك جديدنا

المكتبة السمعية
المكتبة المرئية
المكتبة » الدين الحياة
مختـارات المكتبة
الدين الحياة
الشيخ \ أحمد بن حمد الخليلي
 
الوطء المحرم وأثره في نشر حرمة النكاح
الشيخ \ أحمد بن حمد الخليلي
 
زكاة الأنعام
الشيخ \ أحمد بن حمد الخليلي
الأكثر قراءة
90675 مشاهدةالإيلاء
الشيخ \ أحمد بن حمد الخليلي
 
 
52824 مشاهدةالدين الحياة
الشيخ \ أحمد بن حمد الخليلي
الدين الحياة الشيخ \ أحمد بن حمد الخليلي
القسم : العبادات عدد المشاهدات : 52823 مشاهدة

الدين الحياة

أجزاء الكتاب » إصلاح المجتمع » منهج إصلاح المجتمع
منهج إصلاح المجتمع

 

 منهج إصلاح المجتمع

1-  ضرورة إصلاح الفكر بالفكر:

في المجتمع فئة لبست أقنعة جديدة من أجل محاربة الإسلام من الداخل, وتشكيك الأمة في عقيدتها، والانحراف بها عن دينها، والابتعاد بها عن رشدها، تولى كبر أمر هؤلاء قوم تشربوا الإلحاد حتى مازج عقولهم وأفكارهم وتغلغل في أحاسيسهم ووجدانهم لأنهم أفرزتهم المؤسسة الإلحادية الكبرى التي كانت متفشية في العالم ومهيمنة على جانب كبير منه، وعندما انهارت وتساقطت أركانها وانهدت صروحها خرجوا منها وقد تشبعوا بكل سمومها، وتغذوا بكل أفكارها، فلذلك أخذوا ينشرون الفساد والإلحاد بهذا الأسلوب الجديد، ولا ريب أن التصدي للباطل مهما كان أمر واجب، فإنه لابد لهذه الأمة أن تتصدى لكل من يستهدف دينها ويحاول الانحراف بها عن منهج الحق القويم والسلوك بها في مسالك الباطل المنحرفة، والله تعالى ما كان ليذر الباطل يستهوي الناس بضلاله ويأسر عقولهم بحيله فقد بعث رسله وأنزل كتبه لأجل إبلاغ دعوة الحق والتصدي للباطل والوقوف في وجه المنكر، وقد بيّن سبحانه وتعالى ضرورة قيام هذه الأمة –التي شرفها بمواريث النبوة– بدعوة الحق لتظهر حجته وتستبين محجته وليزهق الباطل بانكشاف شبهاته وتعري سوآته، يقول عز من قائل:(وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)(1)، ويقول:(كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللهِ)(2)، فلذلك كان التصدي لهذه المشكلة بالوقوف في وجه هذه الفئة الملحدة المارقة أمراً ضرورياً لمصلحة الدين والمجتمع والأمة.

ومن المعلوم أن الباطل لا يقوم إلا عندما ينام الحق، والفساد لا يستشري إلا عندما ينكمش الإصلاح، والجهل لا يظهر إلا عندما يتوارى العلم، ولا ينهض الحق إلا برجاله، ولا الإصلاح إلا بأهله، ولا العلم إلا بحملته فأين عزائم أهل الحق وهِهَم رجال الإصلاح وغيرة أهل العلم؟.
فإن هذه الفتنة إن تُركت فستمتد أعراقها، وتتأصل جذورها، وعندئذٍ تكون أصعب على المقاوِم.
والباطل لا يُقابل إلا بالحق، والغي لا يُواجه إلا بالرُشد، والفساد لا يتصدى له إلا بالإصلاح، والشر إنما يُستأصل بالخير، فكل من عالج الضد بالضد نجح.

لذلك كان من الضرورة إصلاح البيئة حتى لا تجد هذه السموم مناخاً تعشش فيه وتستشري، بل يجب أن يكون المناخ مهيأ للصلاح والخير وليس للفساد والشر، وهذا إنما يكون بتوجيه الناشئة إلى الحق، وتأصيل العقيدة في نفوسها وتربيتها تربية سليمة تقوم على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وكتاب الله هو منهج الرشد ومنبع العرفان ومصدر الهداية ومنبت الصلاح والاستقامة، وكل من تركه زاغ عن الرُشد وهام في بوادي الضلال وارتطم بصلاد(3)  المحن، بل هو مصدر عز هذه الأمة وسبب ذكرها، فإنها بدونه ليست من العز والذكر بين الأمم في شيء، ليت شعري بماذا تظهر بين الأمم إن لم تظهر بهذا الكتاب العزيز وتعاليمه الحقّة وإرشاده السديد وتوجيهه السليم؟ الله تبارك وتعالى بيّن فيه أن هذا الكتاب ذكر لهذه الأمة:(بَلْ أَتَيْنَاهُمْ بِذِكْرِهِمْ فَهُمْ عَنْ ذِكْرِهِمْ مُعْرِضُونَ)(4).

ألا تنظرون كيف كانت حالة العرب قبل أن ينزل الكتاب بلغتهم، ويبعث بينهم ذلكم النبي العظيم الذي حمل أمانة الكتاب؛ فأدى الرسالة وبلّغ الأمانة؟ لقد كان العرب أمة ضائعة في خضم المحيط الإنساني، كانوا ممزعين أشلاء، وممزقين أوصالاً، ما كانت لهم جامعة تجمعهم، ولا رابطة توحِّد بينهم، إنما كانوا كسباع الغاب ينشب قويهم مخالبه في ضعيفهم، ويعدِّون سفك الدماء ونهب الأموال وإخافة السبيل مفاخرهم التي يحفل بها شعرهم ونثرهم وتطغى على خطبهم ومساجلاتهم، ولم تكن الأمم المتحضرة تحفل بهم أو تعتني بشأنهم، ولكن الله تعالى أكرمهم إذ بعث فيهم رسولاً كريماً، وأنزل عليه ذكراً حكيماً، هداهم به صراطاً مستقيماً ورفعهم به قدراً عظيماً، فكانوا قادة الأمم ورادة الخير وبناة التاريخ وأساتذة العالم، إن تحدثوا أنصت لهم الدهر، وتناقل حديثهم العالم وخلده التاريخ، وإن أمروا أو وجهوا كانت الدنيا أداة تنفيذ لأمرهم، بتفاعلها العجيب وانقيادها المطلق.

ومن أعرض عن هذا الكتاب فقد أعرض عن مصدر ذكره ومنبع عزه، هو النور الذي يُبصر من كل عمى، ويهدي من كل ضلالة، ويُرشد من كل غي، ويشفي الصدور من آلامها وأمراضها، وهذا الكتاب الكريم يدعونا إلى أن نسلك الصراط المستقيم وهو طريق واحد لا التواء فيه ولا غموض، يقول الله سبحانه وتعالى:(وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)(5).

وكيف يكون اتباع هذا الصراط المستقيم؟.
لقد بيّن الله سبحانه وتعالى ذلك عندما قال:(قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ دِيناً قِيَماً مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ)(6)، فاتباع هذا الصراط المستقيم، صراط الله العزيز الحميد، بأن يسخر الإنسان نفسه لربه، بحيث يكون محياه ومماته لله، وتكون كل الأمور التي يمارسها في حياته وفق منهجه وكما يرضيه تعالى، فالصلاة قُرنت بالنسك، والمحيا قُرن بالممات، ومعنى ذلك أن يكون المسلمون كلهم –ما داموا راغبين في الاستمساك بهدى الله وصراطه المستقيم–  دائرين في فلك طاعة الله تبارك وتعالى.
---------------------------

(1)  آل عمران/104.
(2)  آل عمران/110.
(3)  الصلد: الصلب القوي.
(4)  المؤمنون/71.
(5)  الأنعام/153.
(6)  الأنعام/161-163.
 

القسم
1
5
الكتاب
1
215