القائمـة البريدية
أدخل عنوان بريدك ليصلك جديدنا

المكتبة السمعية
المكتبة المرئية
مختـارات الفتـاوي
-------( فارغ )-------
1-حكم الأجرة على تعليم القرآن. 2-حكم الأجرة مقابل التفرغ للعمل الآخروي
السؤال : ما حكم أخذ الأجرة على تعليم القرآن الكريم وعلوم الشرع الحنيف ، سواءً اشترط المعلم أو الطلبة أو من تولى مشروع تعليم القرآن وعلوم الشرع الأجرة أم لم يشترط ؟
شدّد جماعة من علمائنا المتقدمين في أخذ الأجور على تعليم القرآن الكريم، وقالوا بأن القرآن لا يكتسب منه ، واعتبروا ذلك من اشتراء الثمن القليل بالقرآن العظيم ، ولكن من المعلوم أن الناس عندما كانوا لا يتقيدون عندما يقومون بتعليم القرآن بأوقات معينة ، لأن هذه الأوقات يقضونها في التعليم من غير أن يتفرغوا فيها للعمل والكسب كان الأمر سهلاً ، إلا أن نمط الحياة تغيّر ، وطبيعة الناس تغيّرت ، ومن المعلوم أن الجهاد في سبيل الله سبحانه عمل شريف يقرّب العباد إلى الله ، وهو من أعظم القربات التي تقربهم إلى الله سبحانه وتعالى زلفى ، ومع هذا لم يكن هناك مانع من أن ينتفع الناس من وراء هذا الجهاد بالغنائم التي يحرزونها ، فقد أباح الله سبحانه وتعالى الغنائم عندما يكون الجهاد في سبيل الله من أجل إعلاء كلمة الله بين المسلمين والمشركين من أموال أولئك المشركين ، مع اشتراط إخراج الخمس {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى} [الأنفال : 41] إلى آخر الآية الكريمة ، وهذا يدل على أن العمل الأخروي عندما يعمله الإنسان ولابدّ من أن يتفرغ وينقطع له ، لا يمنع من أخذ شيء مقابل هذا التفرغ والانقطاع ، وإلا لأدى ذلك إلى تعطيل الأعمال ، فلو أن القائمين على تعليم القرآن وتعليم علم الشريعة وعلى أمور البر والإحسان طلب منهم أن يتخلّوا عن أي أجر دنيوي وأن يكونوا متفرغين لأعمالهم من أجل الأجر الأخروي فحسب ، فلا ريب أن هذا سيؤدي إلى تعطيل هذه الأعمال بأسرها ، ومقاصد الشريعة تعتبر ،  فمقصد الشرع الشريف المحافظة على مصالح الناس الدينية والدنيوية ، وبهذا تتعطل المصالح الدينية ، ويتبعها تعطل المصالح الدنيوية ، فلا ينبغي التشدد في مثل ذلك ، ولا سيما لمن عاش في مثل هذه العصور ، وأبصر ما أبصر من تطورات الأزمان وتغيرات الأحوال ، إنما الذي يطالب به الذي تبرع بالتعليم وبالدروس إلى الناس ليتعلموا منه أمور دينهم . ويتدارسوا عليه كتاب ربهم سبحانه وتعالى ويتحفظوه ، أن يخلص النية لله تعالى ، بحيث لا يقصد مجرد ذلك العطاء القليل الذي يعطاه ، فإن ذلك العطاء لا يساوي شيئاً بجانب الثواب العظيم الذي أعده الله سبحانه وتعالى لمن أحسن صنعاً ، وأخلص النية لله عز وجل، فهذه عبادة عليه أن يكون متقرباً بها إلى الله ، وإنما يعتبر العطاء بلغة له، ليتمكن من القيام بهذا العمل الشريف ، وليتمكن من الاضطلاع بهذه المهمة المقدسة ، وبهذا تكون نيته خالصة ، وبجانب كونه ينتفع بما يعطاه في هذه الدنيا لا يفوته أجر الآخرة ، فإخلاص النية من أهم الأمور في مثل هذه الأحوال والله تعالى أعلم .