القائمـة البريدية
أدخل عنوان بريدك ليصلك جديدنا

المكتبة السمعية
المكتبة المرئية
المكتبة » الدين الحياة
مختـارات المكتبة
الدين الحياة
الشيخ \ أحمد بن حمد الخليلي
 
الوطء المحرم وأثره في نشر حرمة النكاح
الشيخ \ أحمد بن حمد الخليلي
 
زكاة الأنعام
الشيخ \ أحمد بن حمد الخليلي
الأكثر قراءة
90672 مشاهدةالإيلاء
الشيخ \ أحمد بن حمد الخليلي
 
 
52822 مشاهدةالدين الحياة
الشيخ \ أحمد بن حمد الخليلي
الدين الحياة الشيخ \ أحمد بن حمد الخليلي
القسم : العبادات عدد المشاهدات : 52821 مشاهدة

الدين الحياة

أجزاء الكتاب » الشباب » أضرار الخمر والتدخين
العرض الشجري » الشباب
أضرار الخمر والتدخين

  أضـرار الخمـر والتدخين

1-  الخمر أم الخبائث:

الخمر: هي أم الخبائث، ومجمع الآثام، ومصدر المضار، ورأس كل مفسدة، تُحول الإنسان العاقل إلى حيوان حائر أو سبع ضار، وقد أخذت تتفشى من خلال الحانات التي تفتتح هنا وهناك من قبل المفسدين، الذين لا يبالون أبداً بما يقع على أنفسهم وذريتهم ومجتمعهم من فساد، كل ذلك من أجل كسب شيء من المال سحقت منه كل بركة، وترتب عليه لعن الله سبحانه وتعالى، وإن علينا أن ننظر في حكم الله جلَّ وعلا الذي أنزله في كتابه عندما قال:(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنْصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللهِ وَعَنِ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ)(1).
نجد أن الله سبحانه وتعالى –بسبب رحمته بعباده– اختار لهم ديناً سوياً وصراطاً مستقيماً، يتلاءم مع الفطرة التي فطرهم عليها، ويحافظ على جميع منافعهم، ويبعد عنهم جميع المضار.

وقد كرم الإنسان وجعل العقل هو مناط تشريفه ومعقد تكليفه، إذ هو أسمى ما وهبه تعالى من هباته في هذه الدنيا، فبه يتميز عن غيره وبسلطانه يتمكن من تحقيق منافعه واتقاء مضاره، ولذلك كان فاقد العقل غير مكلَّف، لأنه فقد أعظم خصيصة من خصائص الإنسانية، وهي الخصيصة التي يترتب عليها تكليف الله إياه بفعل مأموراته واتقاء منهياته، ومن أجل المحافظة على سلامته حرّم الله تعالى كل ما يضر بدينه وعقله وجسمه وماله وعرضه، ويدخل النسب في العرض، وذلك من مقاصد الشريعة الإسلامية، بل المحافظة على هذه الأصول الخمسة تعني المحافظة على الدين الحنيف، ومن أجل ذلك حرم الله تعالى كل ما يؤدي إلى الضرر بأي واحدٍ منها.

والخمر مصدر هذه المضار جميعاً، فإنها إن لم تضر مباشرةً بالنسب والمال لا ريب أنها تؤدي إلى الضرر بهما، وهذا واضح جلي، فإنها بسبب كونها جماع الإثم تغري بالفحشاء المفسدة للأنساب والتبذير المتلف للأموال, والإنسان مسئول عن صحة جسمه وعن المحافظة على ماله لأنه مؤتمن عليه، إذ هو في الحقيقة مال الله، كما أنه مسئول عن عرضه، ومن باب أولى هو مسئول عن عقله؛ لأن العقل –كما قلنا– هو معقد التشريف ومناط التكليف، فلا يجوز للإنسان أن يستخف بأي شيء من ذلك.
ومن هنا جاء هذا الأمر الرباني في حال كانت الإنسانية تودع عهد الجاهلية وتستقبل عهد الإسلام، نعم جاء في ذلك الوقت التوجيه الرباني بأن تجتنب الإنسانية المؤمنة ما حرم الله تبارك وتعالى عليها من الخمر والميسر وسائر عادات الجاهلية.

2-  التدرج في تحريم الخمر:

ومن حكمة الله تبارك وتعالى أن كان تحريم الخمر تدريجياً، لأن الناس ألفوها في جاهليتهم، فالعرب كانوا يعدون الإنفاق في السكر من كبريات مفاخرهم، ولذلك كان الذي لا يشرب الخمر بنفسه لا يأنف أن يسخو بها على غيره، ويرى من العار ألا ينفق فيها.
فقد روي أن أحد العرب كان كغيره من فتيانهم مولعاً بشرب الخمر إلا أنه تزوج امرأة كانت على شيء من الوعي الفطري الذي جعلها تكره الخمر، فاشترطت عليه ألا يشربها قط، فحرص على الوفاء بهذا الشرط، ولكنه في يوم مر بجماعة من المدمنين حول خمارة فسقاهم ببرديه، ونحر لهم ناقته، وعندما رجع إلى امرأته عاتبته عتاباً شديداً وقرعته على ما عدته نكثاً لعهده، فرد عليها بقوله:

              ولسنا بشرب أم عمرو إذا انتشوا
                            ثياب الندامى عندهم كالمغانم
              ولكننا يا أم عمرو نديمنا
                           بمنزلة الربان ليس بعائم
               أسرّك إذ ما صرع الناس نشوة
                          خروجي منها سالماً غير غارم
               بريئاً كأني قبل لم أك منهم
                         وليس الخداع مرتضى في التنادم

هكذا كانت العقول العربية، وما كان أحدهم يبالي أن ينفق كل ثروته في سبيل الخمر، بل يعدّون ذلك من أحسن السخاء الذي يجاهرون بالافتخار به، كما هو مدون في شعرهم ونثرهم.
والإسلام دين الفطرة، جاء لينتشل الإنسانية من الضياع، وليرتقي بها من حضيض العادات السيئة إلى قمم القيم السامقة، ولذلك أخذ يعودهم شيئاً فشيئاً البعد عن الخمر.
فقد نزل أولاً في سورة النحل ما يشير إلى أن الخمر ليست مما يستحسن، وذلك في قوله تعالى:(وَمِنْ ثَمَرَاتِ النَّخِيلِ وَالأَعْنَابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَراً وَرِزْقاً حَسَناً)(2)، ذكر السكر من غير أن يصفه بالحسن، إنما وصف الرزق بأنه حسن، وفي هذا ما يدل على أن السكر ليس مما تستحسنه العقول السليمة، وكان هذا بمكة المكرمة قبل الهجرة فإن سورة النحل مكية.
ثم بعد ذلك أنزل الله عزَّ وجلَّ في سورة البقرة –وهي أول ما نزل بعد الهجرة–(يَسْأَلونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا)(3)، ولكن بسبب أُلفة العرب للخمر أصر قوم منهم على الاستمرار على شربها، وقالوا نكتسب من منافعها، وتركها آخرون اتقاءً لإثمها.
ثم بعد ذلك أنزل الله سبحانه وتعالى في سورة النساء:(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ)(4)، فضيّق عليهم في شربها، لأن أوقات الصلاة متعاقبة، ففي خلال أربع وعشرين ساعة عليهم أن يصلوا خمس مرات، وهذه الأوقات متقاربة، فمن الصعب على من شرب الخمر أن يشربها بين صلاة وأخرى، ولا يصل إلى ميقات الصلاة الثانية إلا وهو قد تخلص من جميع آثارها، وكان في هذا تهيئة للنفوس أن تتقبل تحريمها القاطع.

ثم بعدما تهيأت النفوس لتلقي أمره عزَّ وجلَّ بغير تردد نزل قوله سبحانه:(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنْصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللهِ وَعَنِ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ)(5) فلم يدع لهم مجالاً للتردد، وهنا تسارع الناس إلى امتثال هذا الأمر الرباني، وودعوا مألوفهم الذي كان أحب عادة إليهم، فقد وصل إليهم هذا الأمر الجازم بتركها وبعضهم كانت الكأس على راحته، ومنهم من كان يمتصها بين شفتيه، فما كان منهم إلا أن رموا الكؤوس التي في أيديهم، ومجوا ما ارتشفته منها أفواههم، فحالوا بينها وبين أكباد كانت صادئة إليها، وألسنة كانت يسيل لعابها عليها، وشفاه ما كان غيرها يشفيها، حرصاً منهم على امتثال أمر الله تعالى.
------------------------------

 (1)  المائدة/90-91.
(2)  النمل/67.
(3)  البقرة/219.
(4)  النساء/43.
(5)  المائدة/90-91.

القسم
1
5
الكتاب
1
215