القائمـة البريدية
أدخل عنوان بريدك ليصلك جديدنا

المكتبة السمعية
المكتبة المرئية
مختـارات الفتـاوي
-------( فارغ )-------
حكم العدول إلى الصوم في الكفارة المرسلة دون مراعاة الترتيب
السؤال : الكثير من الناس عندما يريدون أن يكفروا اليمين يقومون بصيام ثلاثة أيام ، فهل يصح ذلك ؟ وهل يصح إخراج النقود بدل ذلك وكم مقدارها ؟
كفارة اليمين ليست بالصيام ، وإنما هي كما دلت الآية القرآنية ، فالله سبحانه وتعالى يقول : {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}(1) ، فجعل الله تعالى المكفر مخيراً بين ثلاثة أشياء ، وهي أن يطعم عشرة مساكين من أوسط ما يطعم أهله أو أن يكسوهم أو أن يعتق رقبة فإن لم يجد واحداً من هذه الأشياء الثلاثة فعليه صيام ثلاثة أيام ، أما مع القدرة على واحد من الثلاثة فإنه لا يجوز أن يعدل عن ذلك إلى الصيام ، إذ لا يعدل عن الأصل إلى البدل إلا مع عدم وجود الأصل .
هذا والأصل في ذلك الإطعام سواء في الكفارات أو في فدية الصيام أو في فدية الإتيان بما لا يتفق مع مقتضيات الإحرام كحلق الرأس للضرورة ، ومع اختلاف العلماء كثيراً في مقدار الطعام فإننا لا نجد داعياً إلى الالتفات إلى هذه الأقوال المتعددة مع وجود السنة التي بينت مقدار الإطعام ، وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم عندما خير كعب بن عجرة رضي الله تعالى عنه لما أتى ما ينافي الإحرام وهو الحلق للضرورة أمره أن ينسك بنسيكة أو يصوم ثلاثة أيام أو يطعم ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع(2)  ، وهذا دليل على أن مقدار الإطعام هو نصف صاع ، ولا يتبين لي فرق بين الفدية وبين الكفارة ، فإن الذي يحتاج إليه المسكين في الفدية هو نفسه الذي يحتاج إليه في الكفارة والمراد الإطعام الذي يسد حاجة المسكين ، والحديث يؤخذ به في بيان مجملات القرآن الكريم ، فالأولى العمل بهذا الحديث ، واختلف العلماء في الوجبة من الطعام فذهب كثير من العلماء إلى أن الوجبة الواحدة غير مجزية ، وقيل بل تجزي إن كانت مأدومة وهذا القول أصح ، نظراً إلى إطلاق القرآن والسنة ، والأصل في الأمر المطلق أن تجزي فيه المرة الواحدة ، فلا دليل على الوجبتين إلا من باب الاحتياط ، ومن المعلوم أنه ينبغي للإنسان أن يأخذ بالأحوط ، وينبغي له أن يخرج من عهدة الخلاف مهما أمكنه .
أما تحديد ذلك بالنقد فهو غير ممكن ، أما أولاً : فلئن الأمر جاء بالإطعام ولم يأت بدفع النقود وأما ثانياً : فإن النقود لا يمكن أن تُحدد نظراً إلى أن الطعام يغلو ويرخص بحسب اختلاف الأزمنة والأمكنة ، فقد يكون في زمان أغلى منه في زمان آخر ، وفي مكان أغلى منه في مكان آخر ، مع أنه لا ينبغي للإنسان أن يعدل عما دل عليه النص وهو الإطعام إلى دفع النقد اللهم إلا مع تعذر الإطعام بحيث لا يجد المساكين الذين يتقبلون الطعام ، وأما مع وجود الذين يتقبلون الطعام فلا يسوغ العدول عما دل عليه النص واستقر عليه عمل السلف والله أعلم .
(1) الآية رقم 89 من سورة المائدة
(2) رواه الربيع في كتاب الحج باب في الهدي والجزاء والفدية رقم ( 432 ) والبخاري في كتاب الحج باب قول الله تعالى : " فمن كان منكم مريضاً .. " رقم ( 1719 ) ومسلم في كتاب الحج باب جواز حلق الرأس للمحرم رقم (1201) .