القائمـة البريدية
أدخل عنوان بريدك ليصلك جديدنا

المكتبة السمعية
المكتبة المرئية
مختـارات الفتـاوي
-------( فارغ )-------
حكم الفوائد البنكية
السؤال : ما قولكم في الفتوى التي صدرت منذ مدة من بعض الناس بتحليل ما يسمى بفوائد البنوك ؟ وأخذ ضعاف النفوس يستغلونها ويتحججون بها للانغماس والتعاطي مع (ربا البنوك) ، وللأسف نجد بيننا من يروج لهذه الفتوى ، هل من نصيحة لأولئك لعلهم ينتهون ؟
ثبت في الحديث عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : «الحلال بيِّن والحرام بيِّن وبينهما أمور مشتبهات لا يعرفهن كثير من الناس ، فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه ، ومن وقع في الشبهات فقد وقع في الحرام» [تقدم تخريجه] ، ونحن نقول لا شبهة في هذا الأمر بل حرمة ذلك واضحة بينة وضوح الشمس في رابعة النهار ، فإن هذه المعاملة إنما هي من باب أخذ القرض ودفع أكثر منه ، وكل قرض جر نفعاً فهو ربا ، جاء ذلك مروياً عن النبي - صلى الله عليه وسلم -  [تقدم تخريجه] ، وقد انعقد الإجماع بأن كل قرض جر نفعاً فهو ربا ، ومن المعلوم أن ما ذكره العلماء من الربا الذي أجمع عليه هو ربا الجاهلية ، وربا الجاهلية كان بهذه الطريقة (أمهلني وأزيدك) ، وهكذا فإنه بقدر ما تتأخر مدة الدفع تكون الزيادة ، فعندما يأخذ أحد مثلاً عشرين ألف ريال من بنك يؤدي ثلاثين ألفاً ، أو يؤدي خمسة وثلاثين ألفاً، وقد يؤدي أربعين ألفاً بحسب ما يبقى هذا الدين عنده فإذاً هذا هو الربا المحرم بلا خلاف بين أهل العلم ، بل جاء النص القطعي بتحريمه ، أما التذرع إلى إباحة ذلك بكون البنك يتجر ، وأن هذا الاتجار هو المضاربة ، وأن المضاربة محللة  فقبل كل شيء يجب علينا أن نتساءل هل بين البنك وبين من يودع فيه هذه النقود عقد مضاربة ؟ أم إيداع يترتب عليه ما يترتب من الربا ؟! إنما البنك بمثابة الأمين ينفق هذه الأموال في هذه الطرق المتنوعة ، التي تعود بالدخل ليأخذ البنك نصيبه منه ، ويعيد إلى الآخرين نصيبهم من الربا المحرم ، بينما المضاربة الشرعية هي أن يتفق الجانبان على المضاربة في شيء معين، أو أن يكون المضارب يضارب مضاربة مطلقة في أي شيء ، بحيث يأذن صاحب رأس المال إلى المضارب أن يضارب في أي شيء ، بحيث يوكله توكيلاً تاماً بأن يضارب فيما يرى فيه المصلحة أو في نوع من أنواع السلع ، وعندما يكون ربح يقتسمه الجانبان ، على أن تكون حصة صاحب رأس المال ليست هي نسبة مئوية مما دفع من رأس ماله ، وإنما هي نسبة مئوية من الربح الذي عاد إلى المشروع من تلك المضاربة ، ومن المعلوم أن صاحب رأس المال - في معاملة البنوك الربوية - يأخذ نسبة مئوية بقدر ما دفع من رأس المال ، من غير نظر إلى الربح وعدمه ، حتى ولو كانت خسارة ، هذه النسبة مضمونة له ، فمن أين صح أن تكون هذه النسبة بقدر رأس ماله مضمونة له؟ هذا من ناحية ، ومن ناحية أخرى لا يؤمن - أن لو سلمنا أن هنالك مضاربة - من أن تكون هذه المضاربة في المشاريع المحرمة في الخمور والرقص والزنا والفساد بأنواعه ، لأن هذه البنوك لا تديرها أيدٍ أمينة حتى تمتنع عن هذه الأمور، ثم إنه من المعلوم أن البنوك تقرض ، وبجانب هذا القرض تأخذ ربا ، هذا الربا من جملة الربح الذي يعود إلى صاحب رأس المال ، فالمسألة واضحة لا غبار عليها .