القائمـة البريدية
أدخل عنوان بريدك ليصلك جديدنا

المكتبة السمعية
المكتبة المرئية
مختـارات الفتـاوي
-------( فارغ )-------
1-الطلاق المتعدد بلفظ واحد. 2- حكم أخذ بغير المعمول به في الفتوى
السؤال : ذكر مؤلف كتاب "الفقه على المذاهب الأربعة" عبد الرحمن الجزيري في الجزء 4/303 دار الكتب العلمية في مبحث تعدد الطلاق ما يلي :-
"يملك الرجل الحر ثلاث طلقات ولو كان زوجاً لأمة ، ويملك العبد طلقتين ولو كان زوجاً لحره ، فإذا طلق الرجل زوجته ثلاثاً دفعة واحدة بأن قال لها أنت طالق ثلاثاً لزمه ما نطق به من العدد في المذاهب الأربعة وهو رأي الجمهور، وخالفهم في ذلك بعض المجتهدين كطاوس وعكرمة وابن إسحاق وعلى رأسهم ابن عباس فقالوا إنه يقع به واحدة لا ثلاث ، ودليل ذلك ما رواه مسلم عن ابن عباس  قال : " كان الطلاق على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأبي بكر وسنتين من خلافة عمر طلاق الثلاث واحدة فقال عمر : الناس قد استعجلوا في أمر كان لهم فيه أناة فلو أمضيناه عليهم فأمضاه عليهم " وهذا الحديث صريح في أن المسألة ليست إجماعية وهو كذلك ، فإنه رأي ابن عباس وطاوس وعكرمة وبعض المجتهدين ، ومن القواعد الأصولية المقررة أن تقليد المجتهد ليس واجباً فلا يجب الأخذ برأي مجتهد بعينه ، وحينئذ يجوز تقليد أي مجتهد من مجتهدي الأمة الإسلامية في قول ثبتت نسبته إليه ، ومتى ثبت أن ابن عباس قال ذلك فإنه يصح تقليده في هذا الرأي كتقليد غيره من الأئمة المجتهدين ، على أننا إذا قطعنا النظر عن التقليد ونظرنا إلى الدليل في ذاته فإننا نجده قوياً لأن الأئمة سلموا جميعاً بأن الحال في عهد النبي    -صلى الله عليه وآله وسلم- كان كذلك ولم يطعن أحد منهم في حديث مسلم ، وكل ما احتجوا به أن عمل عمر وموافقة الأكثرين له مبني على ما علموه من أن الحكم كان مؤقتاً إلى هذا الوقت فنسخه عمر بحديث لم يذكره لنا ، والدليل على ذلك الإجماع لأن إجماع الصحابة يومئذ على الرضا بما عمله دليل على أنه أقنعهم بأن لديه مستنداً ، وليس من الضروري أن نعرف سند الإجماع كما هو مقرر في الأصول ، ولكن الواقع أنه لم يوجد إجماع فقد خالفهم كثير من المسلمين ، ومما لا شك فيه أن ابن عباس من المجتهدين الذين عليهم المعول في الدين فتقليده جائز كما ذكرنا ولا يجب تقليد عمر فيما رآه لأنه مجتهد ، وموافقة الأكثرين له لا تحتم تقليده ، على أنه يجوز أن يكون قد فعل ذلك لتحذير الناس من إيقاع الطلاق على وجه مغاير للسنة ، فإن السنة أن تطلق المرأة في أوقات مختلفة على الوجه الذي تقدم بيانه ، فمن تجرأ على تطليقها دفعة واحدة فقد خالف السنة ، وجزاء هذا أن يعامل بقوله زجراً له ، وبالجملة فإن الذين قالوا : إن طلاق الثلاث بلفظ واحد يقع به واحدة لا ثلاث لهم وجه سديد وهو أن ذلك هو الواقع في عهد الرسول وعهد خليفته الأعظم أبي بكر وسنتين من خلافة عمر -رضي الله عنه- ، واجتهاد عمر بعد ذلك خالفه فيه غيره فيصح تقليد المخالف كما يصح تقليد عمر والله تعالى لم يكلفنا البحث عن اليقين في الأعمال الفرعية لأنه يكاد يكون مستحيلاً . أ . هـ  المراد منه .
إذا قال رجل لزوجته طلقتك بالثلاث وذهبت الزوجة إلى بيت أهلها ، وعندما طهرت من الحيضة الثالثة ذهب وعقد عليها بعقد جديد بجميع لوازمه الشرعية ، من صداق وولي وبينة واعتبر طلاقه لها طلقة واحدة ، أخذاً بقول ابن عباس وطاوس وعكرمة وابن إسحاق وغيرهم ممن خالف رأي الجمهور فما حكم فعله ؟
رواية ابن عباس التي أخرجها مسلم بلفظ " كان الطلاق طلاق الثلاث .. إلخ ." ضعفها جماعة من أئمة الحديث كما هو مبسوط في "السيف الحاد" "والربيع بن حبيب مكانته ومسنده" لمحدث العصر العلامة القنوبي حفظه الله ، وذكر ذلك أيضاً كل من الحافظ ابن حجر والعلامة ابن العربي والشنقيطي في "أضواء البيان" وغيرهم ، وقد أجاب جمهور العلماء على الاستدلال به بأجوبة أخرى كما في "الفتح" "وتفسير القرطبي" "وأضواء البيان" وغيرها ، وليس هذا هو المشهور من رأي ابن عباس إذ لم يروه عنه من أصحابه إلا طاوس ، وسائر أصحابه حكوا عنه ما يتفق مع رأي الجمهور ، هذا وأما لو عمل أحد بذلك الرأي المخالف لرأي الجمهور من غير أن يحكم عليه بخلافه قاض شرعي فإنه لا يفرق بينهما إذ لا حكر في الرأي والله أعلم .