القائمـة البريدية
أدخل عنوان بريدك ليصلك جديدنا

المكتبة السمعية
المكتبة المرئية
مختـارات الفتـاوي
-------( فارغ )-------
اعتداد كل بلد برؤيته
السؤال : سماحة شيخنا العلامة : تتوجه إلينا معارضات كثيرة إذا ما قلنا بلزوم اعتماد كل بلد برؤيته للهلال وعدم المتابعة لغيره من البلدان ، وربما احتج علينا البعض بأن بلداً ما أحرى بتمثيل الإسلام لمكانها بين سائر الأقطار ، فهلا فندت لنا هذا الإشكال ؟
الصيام والإفطار منوطان برؤية الهلال بالنص الشرعي ، فالنبي - صلى الله عليه وسلم - قال : "صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته فإن غم عليكم فأكملوا العدة ثلاثين " ، والحديث مروي من طرق متعددة وبألفاظ متنوعة مؤادها واحد، ورؤية الهلال تختلف حسب اختلاف البلاد في طلوع الشمس وغروبها ، فلذلك لا يمكن التعويل على ثبوتها في بلد ناءٍ يمكن أن يؤثر نأيه في اختلاف الليل والنهار ، إما تقدماً وتأخراً أو طولاً وقصراً ، ذلك لأن المناط في هذا الحكم ثبوت الرؤية في غير وجود ما يمنع من سريان حكمها ، والاختلاف مانع عند التحقيق ، إذ الصيام لا يختلف عن الصلاة ، وحيث إن كل واحد منهما نيط بأمر طبيعي من حيث التوقيت ، فالصلاة نيطت بالزوال ظهراً ، وبكون ظل كل شيء قدره بعد القدر الذي زالت عليه الشمس عصراً ، وبالغروب مغرباً ، وبغيبوبة الشفق عشاءً ، ويبدوا الفجر الصادق فجراً ، وذلك معتبر في كل مكان بحسبه، فلا يجوز لأهل بلد مثلاً أن يصلوا الظهر عندما تزول الشمس في غير ذلك البلد ، أو المغرب عندما تغرب في بلد آخر وهكذا ، ولو كانت البلد التي زالت فيها الشمس أو غربت هي التي تمثل الإسلام في نظر المصلي وكذلك الصيام، على أن ادعاء كون بعض البلاد أولى بتمثيل الإسلام غير صحيح ، فإن الإسلام يمثل حيثما حل ، وما ذكرته في أمر الصيام هو الذي ورد به الشرع ومضى عليه العمل عند السلف ، ودليل ذلك ما أخرجه مسلم وأصحاب السنن عن كريب قال: (أرسلتني أم الفضل بنت الحارث والدة عبد الله بن عباس إلى معاوية بالشام ، فاستهل عليّ هلال رمضان وأنا بالشام ، فلما قضيت حاجتها ورجعت إلى المدينة سألني عبد الله بن عباس فقال : (متى رأيتم الهلال ؟) ، فقلت : (رأيناه ليلة الجمعة) ، فقال : (أنت رأيته)؟ فقلت : (نعم ورآه الناس وصاموا وصام معاوية) ، فقال : (ولكن رأيناه ليلة السبت ، فلا نزال نصوم حتى نرى الهلال أو نكمل ثلاثين) ، فقلت : (أو ما تكتفي برؤية معاوية وصيامه ؟) قال : (لا، هكذا أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم ) ، وهو صريح في الحكم ، وقول الصحابي أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - له حكم الرفع بإجماع ، ولئن كان ذلك فيما بين المدينة والشام مع تقاربهما ، فما بالكم بالأقطار المتنائية؟ فالأخذ بما جرى عليه عملكم من قبل هو الرأي السديد ، ولا تلتفتوا إلى ما يثير الجهلة من الشبه والشغب ، والله المستعان وهو ولي التوفيق .