القائمـة البريدية
أدخل عنوان بريدك ليصلك جديدنا

المكتبة السمعية
المكتبة المرئية
الإسلام وخصومه
بتاريخ 10 مارس 2013
سماحة الشيخ أحمد بن حمد الخليلي

 

الإسلام وخصومه

محاولات النيل من الإسلام ليست وليدة الأمس أو اليوم، إنما هذا أمرٌ عميقٌ عُمْقَ التاريخ، وجذوره عميقـةٌ في أحشاء التاريخ، ذلك لأنّ الله –تعـالى- يقول: }وَلَن تَـرْضَىٰ عَنكَ ٱلْيَهُودُ وَلاَ ٱلنَّصَـٰرَىٰ حَتَّىٰ تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ{ (البقرة: 120), ويقـول الله –تعالى- في الكفّار: }وَوَدُّواْ لَوْ تَكْفُرُونَ{ (الممتحنة: 2), وهم غير راضين مهما جاء الإسلام بالخير، وجاء الإسلام بالمساواة بين البشر، وجاء الإسلام بالعدالة، وجاء الإسلام بالحق، وجاء الإسلام بالهدى.      

       أعداء الإسلام لا يفتَؤون ويصوّرونه شبحا مخيفا وخطرا رهيبا، ولا أدلّ على ذلك من تلك الحروب الصليبية التي أتت على الأخضر واليابس، وأهلكت الحرث والنسل، مع أنّه من المعلوم قطعا أن القائمين على هذه الحروب عندما كان المدّ الإسلامي يمتدّ باستمرارٍ، كانوا ينعمون بما لم ينعموا به في ظلّ دُوَلِهم، فالأمة الإسلامية عندما امتدّ نفوذها في رقعةٍ كبيرةٍ من الأرض حصلت بسكان هذه المناطق التي امتدّت فيها نفوذ الإسلام والمسلمين من الاستقرار والخير والهدوء ما لم يكن حاصلا في أي وقت من الأوقات، ونَعِمَ غير المسلمين بما لم ينعموا به في أي دور من أدوار التاريخ، حتى إن الرجل الكتابيّ الذي كان يقدّم دعوى على الخليفة المسلم ويُنْصَفُ له من الخليفة بحيث يوقفه القاضي موقفا واحدا مع الخليفة ويستمع إليهم جميعا، وعندما تعوز البيّنة الخليفة يقول له يا أمير المؤمنين إمّا بيّنتك وإمّا يمينك.

        هكذا الإسلام يعامل أولئك الناس، وكيف بعد ذلك قلبوا المجنَّ في مواجهة الإسلام والمسلمين، وعملوا تلك المجازر، ولا أدلّ على ذلك من تلكم العملية البشعة والمجازر الرهيبة التي حصلت في بلاد الأندلس بعدما قُلِبَ المجنّ على المسلمين، فعلى أي حال هذه الأمور غير مستغربة ولكن مهما يكن من أمر فإن الواقع كما يقول الله -تعالى-: } يُرِيدُونَ أَن يُطْفِئُواْ نُورَ ٱللَّهِ بِأَفْوَٰهِهِمْ وَيَأْبَىٰ ٱللَّهُ إِلاَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ ٱلْكَـٰفِرُونَ{ (التوبة: 32), نحن ندرك تمام الإدراك أن الإسلام وحده هو الذي يقدّم الحلول المختلفة إلى الإنسانية بأسرها رغم تباين مشكلاتها ورغم اختلاف حالاتها، والأنظمة التي سادت الأرض في  هذه العصور لم تقدم حلا من الحلول، فنجد مثلا الشيوعية ما هي إلا في الحقيقة ردّة فعلٍ للظلم الرّأسمالي، ولكن ماذا كانت عاقبتها؟! بعد أن صوّرت للناس أنها الفردوس الذي يحلمون به، فإذا بها تتكشف عن سعيرٍ لا يطاق، وإذا بالمحافظين عليها هم الذين يلقطون بنيانها حجرا حجرا.

       هذا من الأدلّة التي تُثبت أن القيم المادية لا تبني شيئا مع انحسار القيم الروحية، وقد أخذ غير المسلمين الآن يعترفون بمثل هذه الحقائق، فنجد أن جورباتشوف نفسه يصرّح ويعلن: بأنّ البديل لا يكون في الرأسمالية ولا يكون في الاشتراكية، وإنما يكمن في حلٍّ آخر، وقال: علينا أن نكيّف أنفسنا في ظل حضارةٍ جديدةٍ، فأيّ حضارة هذه إلا حضارة الإسلام دين الله –تعالى-، ومع هذه المشاكسات ومع هذه الحروب الدامية ضد الإسلام والمسلمين نجد أنّ المدّ الإسلامي -والحمد الله- يتخطّى الحواجز، ويقتحم السدود، ففي أمريكا نفسها وفي أوروبا نفسها يتزايد عدد المسلمين يوما بعد يوم بحمد الله –تعالى- وبفضله.