أقامت وزارة الأوقاف والشؤون الدينية ممثلة بمكتب الإفتاء وبالتعاون مع جامعة السلطان قابوس ممثلة بمركز الدراسات العمانية ندوةً علميةً عن الشيخ العلّامة سعيد بن خلف الخروصي "رحمه الله"، تحت رعاية صاحب السمو السيد أسعد بن طارق بن تيمور آل سعيد نائب رئيس الوزراء لشؤون العلاقات والتعاون الدولي والممثل الخاص لجلالة السلطان؛ وذلك في قاعة المؤتمرات بجامعة السلطان قابوس بتاريخ 20 ربيع الثاني1439هـ/8 يناير 2018م؛ إذ تأتي هذه الندوة تزامناً مع مرور عام على وفاة الشيخ، تهدف إلى تسليط الضوء على ملامح من سيرته الطيبة، وما خلّفه من نتاج أدبي وفقهي وعلمي، وتعريف الأجيال بحياته من حيث النشأة والتكوين، وبيان سيرته القضائية وإظهار مواقفه وأحكامه التي تحلّت بالإنصاف والعدل، وبيان مواكبته للواقع من خلال فتاواه، وفتح مجال للباحثين والمهتمين بالتراث الفقهي والقضائي والأدبي لسبر أغوار تراث الشيخ الغني بهذه المفردات، كما تهدف إلى إبراز الدور الذي ساهم به في جانب القضاء والإفتاء في السلطنة على مدى خمسين عاماً.
بدأ الحفل بافتتاح شمل إلقاء كلمة لأبناء الشيخ، وكلمة لمركز الدراسات العمانية، بالإضافة إلى عرض فلم وثائقي عن حياة الشيخ ومعرض احتوى على مختارات منتقاة من خزانة الشيخ الراحل، إذ تحوي مكتبته على أكثر من ١٠٠ عنوان مخطوطا فقهيا وأدبيا كما تبين أثناء البحث وجود مجموعة من الوثائق المهمة تصل إلى أكثر من ١٥٠٠ وثيقة في مجالات السياسة والتاريخ والفقه والاقتصاد والأدب وغيرها. كما احتوى المعرض على مراسلاته السلطانية و السياسية، مجموعة من تقييداته التاريخيه المهمة كتوثيقه أمر صاحب الجلالة لإقامة شعائر صلاة الجمعة في سائر مختلف مدن السلطنة عام ١٩٧٤ م. بالإضافة إلى مجموعة من صوره اأثناء المناسبات الرسمية والشخصية ومراسلاته وأسئلته لعلماء عصره كالشيخ خلفان بن جميل السيابي والشيخ إبراهيم بن سعيد العبري والشيخ محمد بن نور الدين السالمي والشيخ سالم بن حمود السيابي ونماذج من مؤلفات الشيخ بخط يده ككتاب الدر المنتخب في الفقه والأدب وقواعد الشرع في نظم كتاب الوضع وقصيدة إحكام الصنعة في أحكام الشفعة وغيرها من مؤلفاته.
بعد ذلك بدأ الباحثون بعرض أوراقهم العلمية في جلستين؛ ففي الجلسة الأولى تم تقديم أربعة أوراق علمية، حيث كانت الورقة الأولى بعنوان "ملامح القضاء عند الشيخ سعيد بن خلف الخروصي" ألقاها الدكتور عبد الله بن راشد السيابي، تلاها ورقة بعنوان "النتاج الأدبي للشيخ سعيد بن خلف الخروصي" ألقاها الدكتور مهدي أسعد عرار، أما الأخيرة فكانت بعنوان "الشيخ سعيد بن خلف الخروصي وصلته بالمخطوطات" ألقاها الأستاذ سلطان بن مبارك الشيباني.
أما الجلسة الثانية، فاشتملت على ثلاث أوراق؛ الأولى كانت بعنوان "أصول الدين عند الشيخ سعيد بن خلف الخروصي من خلال كتابه قواعد الشرع في نظم كتاب الوضع" قدّمها الدكتور سيف بن سالم الهادي، والورقة الثانية عن "الآثار العلمية للشيخ سعيد بن خلف الخروصي" ألقاها الأستاذ فهد بن علي السعدي، وفي الختام قدّم الأستاذ اسماعيل بن ناصر العوفي ورقة بعنوان"الأدب الفقهي عند الشيخ سعيد بن خلف الخروصي".
وقد خرجت الندوة بجملة توصيات كان أهمها العمل على جمع آثار الشيخ الخروصي وتحقيقها، سواء كان ذلك بتحقيق كل أثرٍ على حدة أم كان بتحقيقها ضمن مشروع “الأعمال الكاملة للشيخ سعيد بن خلف الخروصي” ، وهو مشروع طموح جدير أن تتوجه إليه همة الباحثين. ودراسة منهج الشيخ الخروصي في الكتابة والتأليف، خاصة الفتاوى؛ إذ كان يسير فيها بمنهج الفقيه الذي لا يحمل الناس على فضل ورعه، ولكنه من يفتي الناس بما يسعهم في أمور دينهم. ودراسة مستفيضة ومعمقة، تتناول جميع الجوانب اللغوية والاستدلالية، وحضور الشخصية الفقهية للشيخ، وكذلك العناية بجمع فتاوى الشيخ وتتبعها من مظانها وتصنيفها وترتيبها تمهيدا لنشرها. وأكدت الندوة على ضرورة العناية بالجانب التربوي والاجتماعي عند الشيخ الراحل والكشف عنها وذلك من خلال تحليل مواقفه في مسيرته العامرة. بالإضافة إلى القيام بمزيد من الدراسات الأدبية التي تناولت اسهاماته في الجانب الأدبي خاصة النظم الفقهية. ودراسة الجانب المقاصدي لديه في فتاويه وأقضيته والخروج بمنهج علمي تربوي يمكن الدعاة من استبانة فقه الواقع في التعامل مع مفردات الحياة. وأوصى المشاركون بطباعة بحوث هذه الندوة وإخراجها في كتاب، وإنشاء معرض ثابت يكشف عن مخطوطات الشيخ العلامة الراحل ووثائقه لتعريف الأجيال بسيرة العلماء وخدمة للتاريخ العماني.
هذا ويعدّ العلّامة الشيخ سعيد بن خلف الخروصي إحدى الشخصيات البارزة التي ساهمت في إثراء التراث العماني في عصره الحديث، ولعبت دوراً هاماً في جانبي القضاء والفقه في السلطنة. حيث تولّى فضيلته منصب القضاء في السلطنة خلال الفترة من1961 إلى عام 1987م. ثم عين مساعداً للمفتي العام للسلطنة في العام 1987م إلى عام 2009.