القائمـة البريدية
أدخل عنوان بريدك ليصلك جديدنا

المكتبة السمعية
المكتبة المرئية
سماحة المفتي :"إن الأمة تعاني من الفتاوى المتناقضة بحسب الموجات السياسية"
بتاريخ : 12 مارس , 2014

ابتدأ سماحته كلمته بقوله: " إن من الواجب أن نشكر من أسدى إلينا معروفا، فالشكر أولا لصاحب السمو رئيس الدولة، ولصاحب السمو الشيخ عبد الله بن زايد الذي دعانا إلى هذا الجمع الحاشد المبارك الموفق بمشيئة الله- تعالى- والشكر لسماحة شيخنا ابن بيه، ولجميع الذين نظموا لهذا اللقاء الطيب."

وأضاف سماحته قائلا:" وكلمتي هذه ليست تعقيبا على حديث أحد، وليست هي- أيضا- محاولة إتيان بشيء جديد. هي قبل كل شيء- لعلي- أعدها استفسارا لي، أكثر من ملاحظة أردت أن أبديها، واسمحوا لي، فإن أصبت فمن الله- سبحانه وتعالى- وإن أخطأت فمن نفسي ومن الشيطان، ولا يقر الخطأ بأي حال من الأحوال، إن أخطأت فصوبوني، وإن أصبت فاقبلوني."

السِلم بين السلام والاستسلام :

"... لا ريب أننا كلنا نرغب في السلم، وما من عاقل يريد الحرب ما دام يجد بدا من الحرب؛ الحرب هي شر مستطير؛ ولكن لابد من قبول الحرب عندما تفرض الحرب على الإنسان. نحن الآن في وضع سيئ- كما هو معلوم-. هناك جراح في فلسطين، هناك مآس في بلاد إسلامية كثيرة، يقتل المسلم على الهوية؛ كما هو الآن في إفريقيا الوسطى، وهناك مآس في كشمير ومآس في بورما، ومآس في مناطق متعددة من العالم الإسلامي، هل يقابل هذا كله بالسلم؟!! هل نحن نستقبل الغازين، ونستقبل الذين يأتون لحربنا؛ الذين يأتوننا بالصواريخ ونستقبلهم بالورود والزهور؟!

"... كذلك بالنسبة إلى الشباب الذين غلوا وتطرفوا وخرجوا عن حدود الاعتدال، أنا سمعت اليوم كلاما سرني من الشيخ العثماني، وهكذا حيث قال بأن هؤلاء إنما كان تطرفهم وغلوهم وخروجهم عن حدود الاعتدال ردة فعل، فعلينا إذن أن نعالج المشكلة  من أساسها، هؤلاء طلبوا الإسلام وأرادوا أن يروا الإسلام واضحا ماثلا في حياة الأمة، إلا أنهم فقدوه، فوجدوا هنالك بونا بين المبادئ والواقع، بين التنظير والتطبيق، رأوا هوة سحيقة ما بين واقع الأمة الإسلامية في السياسة، وفي الاجتماع، وفي الإعلام، وفي مناهج التربية، وفي أمور كثيرة...وبين ما يتطلبه الإسلام؛ لذلك كانت هناك ردة فعل من قبلهم.

تناقض الفتوى:

ومع الأسف الشديد- أيضا- قلّت القدوة من العلماء التي يمكن أن يقتدوا بها ويسترشدوا بها.

هناك تناقضات في الفتوى، يصبح اليوم الإنسان يفتي بفتوى وينقضها في الغد بحسب الموجات السياسية، وهذا أمر لا نريد أن نتحدث عنه، وإنما عانينا منه كثيرا؛ هذا الذي أدى بهم إلى ردود الأفعال.

أنا بنفسي لي تجربة مع هؤلاء؛ لأنه زارني مسؤولان من الحومة الجزائرية الشقيقة، مسؤول يعنى بالدعوة الإسلامية، ومسؤول أمني، وطلبا مني رسالة إلى هؤلاء في أن يراجعوا أنفسهم ويعودوا، وجهت هذه الرسالة إليهم، ولكن بلغة لطيفة، وليست بلغة التنفير، قلت هم أبناؤنا وإخواننا ويجب أن نحتضنهم، وطلبت منهم الرجوع إلى الجادة، وذكرتهم بما ينسب إليهم من التفجير والقتل والتدمير، وما هي عاقبة هذا كله. وقد رجعت شريحة منهم.

فإذن نحن علينا أن نطالب الحكومات، حكوماتنا الإسلامية، بتطبيق الشريعة الإسلامية؛ حتى لا تكون هناك فجوة ما بين الواقع والتطبيق.

 

ـ الدعوة بالحسنى :

فلذلك أنا أطالب بأن يخاطبوا بلغة اللطف لا بلغة الشدة والعنف، قال تعالى:(( وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ)).

وأسأل الله- سبحانه وتعالى- التوفيق لرأب الصدع وجمع الكلمة على ما يحبه الله تعالى ، ويرضاه، وتحقيق السلم لهذه الأمة ثم للعالم على أن يكون هذا السلم ليس سلم ذل، الإسلام يدعونا إلى السلام؛ ولكن لا يرضى لنا الاستسلام، فالسلم يعطى بيد، ويؤخذ بيد، المسلمون عليهم أن يعطوا السلم بيد، وأن يأخذوه باليد الأخرى، بحيث لا يكونون راضخين لمن يريدون أن يستذلوهم."