القائمـة البريدية
أدخل عنوان بريدك ليصلك جديدنا

المكتبة السمعية
المكتبة المرئية
مختـارات الفتـاوي
-------( فارغ )-------
حكم قتل النفس بحادث سيارة
السؤال : رجل صدم بسيارته سيارة أخرى بدون عمد علماً بأن الرجل كان في حالة جيدة أي لم يكن في حالة سكر أو نحوه ، فنتج عن الحادث موت رجل من السيارة المصدومة ، وبعد التحقيقات تبين أن السبب من ذلك الرجل الذي صدم بسيارته فسجن ودفع دية لورّاث المتوفى ، والآن يعيش ذلك الرجل في حالة من الضيق والتوتر حتى أن صحته تنهار شيئاً فشيئاً ، وأصبح لا يستطيع النوم في الليل من كثرة التفكير في هذا الأمر ، وهو يسأل هل بقي شيء من الحقوق عليه أن يؤديها سواء كانت هذه الحقوق حقوقاً لله تعالى أو حقوقاً للشخص المتوفى ؟
نعم ، عليه حق لله تبارك وتعالى ، وهو الكفارة ، فإن الله تعالى فرض الكفارة في قتل الخطأ ، حيث قال : {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلا خَطَأً وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلا أَنْ يَصَّدَّقُوا فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنَ اللَّهِ}(1)  .
وقد قسمت هذه الآية الكريمة المقتولين خطأ إلى ثلاث أصناف : لأنه إما أن يكون مؤمناً فتجب الدية له ، كما تجب الكفارة على القاتل لتطهير نفسه مما علق بها من فعله .
وإما أن يكون مؤمناً ولكنه بين قوم كافرين محاربين للمسلمين ، وذلك بأن يعيش الإنسان لظرف أو لآخر بين قوم كفرة محاربين للمؤمنين فلا دية على القاتل في هذه الحالة ، وإنما تجب عليه الكفارة لما سبق بيانه ،  وسقوط الدية إنما بسبب عيشه بين أولئك القوم المحاربين للمؤمنين ، فبعيشه بينهم سقط حقه وبقي حق الله تبارك وتعالى وهو الكفارة .
وإن كان من قوم بينهم وبين المؤمنين ميثاق وذلك بأن يكون ذمياً ، أو معاهداً للمؤمنين فتجب الدية والكفارة  .
ومن الناس من حمل قوله تعالى : {وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ}(2)  على ما إذا عاش المؤمن مع قوم بينهم وبين المؤمنين ميثاق فتجب الدية والكفارة على قاتله خطأ ، وإن لم يكن مؤمناً فتجب له الدية  دون الكفارة على هذا الرأي ، ولكن المتبادر من الآية الكريمة خلاف ذلك ، والكفارة هي : عتق رقبة مؤمنة وذلك لأن الله تبارك وتعالى جعل العتق إحياء للنفس ، إذ الرق إنما هو بمثابة العدم للشخص المبتلى به ، إذ لا يملك من أمره شيئاً كما قال الله تبارك وتعالى : {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً عَبْداً مَمْلُوكاً لا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ } (3) ، فهو لا يستطيع أن يتصرف في أمر بحريته ، فإذا أعتق كان عتقه إحياءً له ، فلذلك جعل الله تعالى هذا الإحياء جزاء التسبب في موت تلك النفس التي أزهقها .
فإن تعذر عليه العتق بحيث لم يجد الرقبة فإنه ينتقل إلى الصيام ، فيصوم شهرين متتابعين توبة من الله ، والله تعالى أعلم .
(1) الآية رقم ( 92 ) من سورة النساء .
(2) الآية رقم ( 92 من سورة النساء .
(3) الآية رقم ( 75 ) من سورة النحل .