القائمـة البريدية
أدخل عنوان بريدك ليصلك جديدنا

المكتبة السمعية
المكتبة المرئية
مختـارات الفتـاوي
-------( فارغ )-------
أحكام السلم والأنواع التي لا يجوز فيها
السؤال : ما هي المعاملات التي يجوز فيها السلم ؟ وهل هي خاصة بالطعام أم يشملها مع غيرها ؟ وما هو ضابط ما يجوز فيه السلم ؟
استمد حكم السلم من تعامل الناس به بالمدينة المنورة ، فقد هاجر إليها النبي - صلى الله عليه وسلم - والناس يسلمون في الحبوب فأقرهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على ذلك ، وإنما شرط عليهم أن يكون ذلك إلى أجل معلوم وبوزن معلوم أو كيل معلوم ، واختلف العلماء من أجل هذا في السلم في الأنواع الأخرى مما يحتاج إليه الناس لغير مطعمهم ، فمنهم من حصر الرخصة في الطعام وحده ، لأنه حري بالتسامح فيه من أجل الاقتيات ، وليس المقتات به كغيره ، ثم إن هذه رخصة والرخصة لا تتعدى مكانها ولا يقاس عليها لأنها بنفسها خارجة عن سنن القياس ، وكل ما خرج عن القياس فإن غيره عليه لا يقاس ، وإنما كانت رخصة للنهي عن بيع الإنسان ما ليس عنده، ومن المعلوم أن السلم لا يكون إلا في غائب غير موجود ، ومنهم من أباحه في كل ما يمكن أن يضبط بضوابط تحدده، وكان مما يحتاج إليه الناس ، فيدخل في ذلك كل ما يحتاج إليه الناس للباس أو غيره من ضروراتهم ، على أن يكون ذلك له ضوابط تحدده كما تضبط الحبوب بالكيل والوزن ، ومن المعلوم أن ضوابط الأجناس تختلف فمنها ما يدخل الوزن في ضبطه ومنها ما لا يكون بالوزن رأساً وإنما هو بطوله وعرضه وسائر أوصافه التي تراعى في قيمته ، وما من ريب أن هذه المعاملة وإن كانت في أصلها رخصة والرخص لا تتعدى مواضعها إلا أن هذه الرخصة إنما كانت من أجل مراعاة حاجة الناس ، لذلك كان الأخذ بها فيما تشتد إليه الحاجة أو يدخل في حكم الضرورة أرفق بالناس وأوفق بمصالحهم ، خصوصاً في هذا العصر لحاجة الناس إلى الاستيراد لكثير مما يعد من ضرورات حياتهم ، كالعتاد الحربي وآلات العمل وغيرها مما لا يمكن الحصول عليه إلا بالاستيراد ، وقد يتعذر الاستيراد إلا بهذه الطريقة ، على أن الدقة في ضبط أوصاف كل هذه الأشياء المطلوبة يمكن أن تحددها تحديداً دقيقاً حتى تكون في حكم الشيء المشاهد ، وكثيراً ما تكون لها نظائر من قبل معروفة عند الجميع ، وعندما تطلب يمكن أن تصنع وفق أوصافها وإن لم تكن موجودة وتسلم في الوقت المتفق عليه بين الطرفين ، وأرى من الضرورة الأخذ بذلك اعتماداً على هذه الرخصة في وقتنا هذا وإلا لتعطلت المصالح أو يلجأ الناس إلى معاملات غير مباحة أصلاً والله تعالى أعلم .