القائمـة البريدية
أدخل عنوان بريدك ليصلك جديدنا

المكتبة السمعية
المكتبة المرئية
مختـارات الفتـاوي
-------( فارغ )-------
ماجاء في كتاب فقه الزكاة للدكتور القرضاوي في زكاة الحلي
السؤال : ماذا ترى سماحة الشيخ فيما جاء في كتاب « فقه الزكاة» للدكتور يوسف القرضاوي من ترجيح عدم وجوب الزكاة في الذهب والفضة إذا كانا حلياً لامرأة ، ورده على أدلة القائلين بالوجوب ؟
الزكاة عبادة من العبادات فرضها الله في أصناف مخصوصة من المال ، ومعظم العبادات في الإسلام يوقف بها عند النص ، ولا يتجاوز بها حدوده إلى القياس والنظر ، كما هو الشأن في جوارح الوضوء ووصفه ونواقضه وعدد ركعات الصلوات .
وقد أوجب الله الزكاة في الذهب والفضة ، وتوعد من منعها في كتابه بقوله : {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (34) يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ (35)}(1) والآية مطلقة في الذهب والفضة ولفظ "يكنزون" لا يدل على أن القصد به ما كان مستورا لدلالة الحديث على أن الكنز ما لم تؤد زكاته وإن كان مستوراً ، وأن ما أديت زكاته ليس يكنز وإن كان مستوراً ، وفي الحديث الصحيح الذي أخرجه مسلم عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : « ما من صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدي حقها إلا جعلت له يوم القيامة صفائح ، ثم أحمي عليها في نار جهنم ، فيكوى بها جنبه وجبهته وظهره» وهو مبين لمعنى الآية ومفيد - بإطلاقه - شمول حكمه لكل عين ، سواء كانت مسككة أو غير مسككة ، وبهذا تعلم عدم خروج الحلي من عموم هذا الحكم .
أما القاعدة التي استند إليها الدكتور القرضاوي بانياً عليها قوله بعدم وجوب زكاة الحلي: وهي أن الزكاة تجب فيما كان نامياً من الأموال ، دون ما لا يصلح للنماء ، فهي قاعدة غير متفق عليها ، لأن جعل النماء وعاءً للزكاة إنما هو رأي طائفة من الفقهاء فحسب ، ونازع في ذلك آخرون ، والمسائل المختلف فيها لا يرفع خلافها إلا الرجوع إلى القواعد المجمع عليها دون المتنازع فيها ، وكيف يلزم أحد قولاً مبنياً على أصل لا يسلم له ، على أنا نقول : إن الذهب والفضة بطبيعتهما مؤهلان للنماء ، ولا يخرجهما عن ذلك استعمالهما حلياً ، لأن الحلي لا ينتقص من قيمته مرور الزمن ولا يستهلكه الاستعمال ، وبإمكان صاحبه عند حاجته إلى إنمائه أن يتصرف فيه ببيع ، فينمي قيمته أو يحول عينه إلى نقد إن كان ذهباً أو فضة ، هذا عندما كانت العملة المتبادلة في البيع والشراء لا تخرج عن كونها من أحد الصنفين .
هذا كله لو سلمنا لتلك القاعدة ، ونحن لا نسلم لها ، لأن الزكاة ضرب من ضروب العبادات ومناطها التوقيف ، فإذا فرضها الشارع في جنس لم يكن لأحد أن يخرج شيئاً من أفراد ذلك الجنس عن حكمها إلا بتوقيف آخر ، "ولا حظ للنظر مع الأثر".
هذا وتعتضد أدلة الوجوب العامة التي أشرنا إليها بأدلة خاصة ناصة على ما تفيده تلك بعموماتها منها :
1/  ما رواه أبو داود والحاكم والدار قطني والبيهقي عن عائشة - رضي الله عنها - أنها قالت : دخل علي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فرأى فتخات من ورق ، فقال : «ما هذا يا عائشة ؟ » فقالت : صنعتهن أتزين لك يا رسول الله. قال: « أتؤدين زكاتهن؟ » قالت : لا ، أو ما شاء الله . قال : « هو حسبك من النار» قال الحافظ ابن حجر إسناده على شرط الصحيح ، وأورد عليه أن عائشة - رضي الله عنها - الراوية لهذا الحديث كان من مذهبها عدم تزكية الحلي ، فقد روى ابن أبي شيبة عن القاسم قال : كان مالنا عند عائشة ، وكانت تزكيه إلا الحلي ، ومثله عن عمرة .
وهذا الإيراد مردود من أوجه :
• أن العبرة عند تعارض مذهب الصحابي وروايته بروايته دون مذهبه ، فإن رأيه لا يوجب حكماً بخلاف روايته ولو نقل رأيه تواتراً ، وهو معنى قولهم : « العبرة بما روى الصحابي لا بما رأى » .
أما روايته فثبوتها بالإسناد الصحيح شاغل للذمة ومثبت للحكم ، ولا يعارض الموقوف المرفوع ، ولا تقدح مخالفة الصحابي لما رواه مرفوعاً في صحة تلك الرواية شيئاً ، ولو كان ثم قدح لكان القدح في عمله ، وإنما يتعذر له باحتمال نسيان الرواية بعدما أداها إلى الثقة الذي نقلها عنه .
• أن روايتها مثبتة ورأيها ناف ، والمثبت مقدم على النافي عند التعارض كما تقرر في الأصول .
• أن روايتها قول محكي عن المعصوم - صلى الله عليه وسلم - ، والقول أقوى دليلاً وأوضح حجة من العمل ولو ثبت رفعه ، والعمل أقوى وأوضح من الترك ، وما زعم أنه رأيها لم يستند إلا بمجرد ما ظهر للراوين عنها أنها كانت لا تزكي حليهم .
• أنه يحتمل أنها كانت تتبرع بتزكية حلي أولاد أخيها من مالها ، من غير أن يعلموا بذلك ، ومن الذي يستطيع الجزم بنفيه ، فإن الشهادة على النفي شهادة تهاتر عند الفقهاء .
• أن روايتها تعتضد بالأدلة العامة الموجبة للزكاة في الذهب والفضة ، بخلاف ما قيل إنه رأيها ، وما اعتضد بالعموم أولى بالأخذ به مما خالفه .
• أن الدليلين إذا تعارضا وكان في أحدهما شغل الذمة وفي الآخر براءتها ، أخذ بما شغل الذمة للاحتياط ، ولتحقق اشتغالها به ، واليقين لا يرفعه إلا اليقين ، هذا إذا جاز تناسخها ، فكيف والنسخ هنا متعذر إذ الموقوف لا ينسخ المرفوع .
وأورد عليه أيضاً أنه في سنده يحيى بن أيوب الغافقي وهو مختلف فيه ، ويرد على هذا الإيراد بأنه ممن احتج به البخاري ومسلم وآخرون ، وهم أوثق في الرواية وأدق في الدراية من الرافضين له ، ولو أخذنا نرد الأحاديث بمثل هذه التجريحات لما كاد يسلم منها إلا القليل ، ولقل التعويل على السنة في بناء الأحكام .
2/ ما رواه أبو داود عن أم سلمة - رضي الله عنها - قالت : كنت ألبس أوضاحاً من الذهب ، فقلت : يا رسول الله أكنز هو ؟ قال : « ما بلغ أن تؤدى زكاته فزكي فليس بكنز » وقد أعل بعتاب بن بشير وتفرد ثابت بن عجلان بروايته عنه  ، والاثنان من رجال البخاري ، وهو مما يوهن تجريحهما .
3/ ما رواه أبو داود من طريق عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده ، وأخرجه النسائي وابن أبي شيبة وأبو عبيد أن امرأة أتت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومعها ابنة لها وفي يدها مسكتان غليظتان ، فقال لها :«أتعطين زكاة هذا ؟ » قالت : لا ، قال : « أيسرك أن يسورك الله بهما يوم القيامة بسوارين من نار » قال فخلعتهما فألقتهما إلى النبي - صلى الله عليه وسلم  - وقالت : " هما لله ورسوله " .
وقد أعل بالاختلاف في اتصاله وإرساله .
وذهب من ذهب من العلماء المسقطين لزكاة الحلي على حمل هذه الأحاديث على ما إذا جاوز الحلي حد الاقتصاد المعتاد إلى حد الإسراف والتبذير ، بوصف المسكتين اللتين كانتا في يدي المرأة بأنهما غليظتان ، وبأن الفتخات فسرت بالخواتم الكبار ، ومن ناحية أخرى فإن أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - لهن أحكام خاصة إذ لم يكن كأحد من النساء ، فلذلك كن مطالبات بالتقشف والخشونة ، وهو تحكم من قائله ، فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يترك الناس في لبس من أمرهم ، فلو كان حلي المرأة لا يجوز بمقدار لبينه - عليه أفضل الصلاة والسلام - ولكان حرياً بأن ينهى عن الإسراف مع بيان حده ،  لا بأن يوجب فيه الصدقة ، فإن الصدقة لا تبيح المحجور ، وما كان للنبي - صلى الله عليه وسلم - أن يقرّ أحداً على معصية ، ثم إن في إقراره - عليه الصلاة والسلام - أزواجه على الزينة المحرمة عليهن مع تزكيتها مخالفة صريحة للواجب عليه من إقامتهن على المنهج السوي ، على أنه لا دليل - ولو ضعيفاً - على أن لأزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - أحكاماً خاصة في باب الزينة ، فما هذا القول إلا افتئات من قائله ، وخوض فيما لم يأذن به الله { قُلْ آللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُونَ} (2) ومتى كانت الصدقة تبيح المحجورات ، ولو كان الأمر كذلك لجاز للرجل أن يتحلى بالذهب ويلبس الحرير مع تزكيته لهما .
ومهما قيل في هذه الأدلة فإن اعتضادها بالعمومات الصحيحة الثابتة يقوي الأخذ بها والاستناد إليها ، وليت شعري ما هي الروايات التي تقوى على معارضة هذه الروايات أو التي تصلح لتخصيص تلك العمومات ، فإن كل ما أستند إليه القائلون بعدم وجوب زكاة الحلي أوهى حجة وأضعف سنداً من هذه الأدلة ، إذ لا يوجد لديهم نص على إسقاط زكاة الحلي إلا حديث واحد أخرجه ابن الجوزي عن جابر - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم -  قال: «ليس في الحلي زكاة » ، وهو معلول بعافية بن أيوب ، الذي نص البيهقي على أنه مجهول ، ولا عبرة بقول ابن الجوزي : "ما نعلم فيه جرحاً " ولا بقول المنذري : " لم يبلغني فيه ما يوجب تضعيفه " ، فإن مثل هذا القول لا يعد تعديلاً . وهو حديث واحد معارض بثلاثة أحاديث هي أصح منه سنداً وأقوى متناً وأوضح دلالة ، ومن القواعد المتبعة في الترجيح تقديم المثبت على النافي وليس لديهم نص آخر .
أما استدلالهم بقول النبي - صلى الله عليه وسلم - : « يا معشر النساء تصدقن ولو من حليكن » ، فليس فيه ما يدل على ما ذهبوا إليه ، لأن الصدقة في الحديث غير محصورة في صدقة الفرض ، ومن الواضح جداً أن النساء حريصات على زينتهن ضنينات على استبقائها ، لما جبلت عليه المرأة من حب الزينة ، والحديث ورد مورد تحذير النساء من عقاب النار وحثهن على التوقي منه بالصدقة ، ولو مما هو أحب شيء في نفوسهن ، اختباراً لإيمانهن وهو من باب :  « لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون » ، فالحديث مستحث لهن إلى إيتاء الصدقة ولو من أعز ما يملكنه بعد أداء حق الزكاة منه اتقاءً لسخط الله ، وهو كما لو قلت لأحد : تصدق ولو من كرائم أموالك. وليس فيه ما يدل أن الكرائم لا تزكى .
وأما استدلالهم عليه بأن الأصل براءة الذمة ، فجوابه : أن هذا الأصل قد ارتفع بثبوت وجوب الزكاة في عموم الذهب والفضة ، من غير تمييز بين حلي وغيره بالأدلة العامة ، وبوجوبها في الحلي خاصة بالأدلة الخاصة .
وأما استدلالهم بما روى عن عدد من الصحابة - رضي الله عنهم - من إسقاط زكاة الحلي كعائشة وابن عمر وابن عباس ، فهو مردود بأن رأي الجماعة من الصحابة عورض برأي جماعة أخرى ، منهم عمر وعبد الله بن عمرو بن العاص وابن مسعود ، فقد أخرج البيهقي عن شعيب بن يسار أن عمر - رضي الله عنه -  كتب إلى أبي موسى الأشعري : " أن مر من قبلك من نساء المسلمين أن يصدقن حليهن " .
وهو وإن أعل بالإرسال لأن شعيباً لم يدرك عمر ، فإن الظاهر أنه لا يقوله إلا بعد ثبوته عنده بالشهرة .
وأما ما روي عن الحسن(3) من قوله : لا نعلم أحداً من الخلفاء قال في الحلي زكاة. فهو مجرد إخبار عن علمه ، وليس عدم علم أحد بأمر دليلاً على عدمه ، ولو أن روايته جاءت جازمة بعدم وجوب زكاة الحلي عند الخلفاء لكانت رواية شعيب أرجح منها ، لوجوب تقديم المثبت على النافي .
وأخرج ابن حزم وغيره عن علقمة قال : قالت امرأة لعبد الله بن مسعود : " لي حلي " قال : " إذا بلغ مائتين ففيه زكاة " .
وروى ابن حزم وغيره عن عمرو بن شعيب عن أبيه قال : كان عبد الله بن عمرو بن العاص يأمر بالزكاة في حلي بناته ونسائه .
ولعمري ليس رأي تلك الطائفة أولى بالقبول من رأى هذه الطائفة ، وإنما الاحتكام إلى الدليل ، ولو لم يكن ثم دليل لكان قول الموجبين أرجح لثبوت ذلك عنهم نصاً بخلاف الآخرين ، فإن غاية ما روي عنهم هو عدم تزكيتهم ، وهو لا يدل على ثبوت رأي عنهم في ذلك ، إذ هو مجرد ترك ، والترك لا يعارض الفعل فكيف يعارض القول الذي هو أقوى من العمل ، وقد تتبعت ما روي عنهم في
ذلك فوجدته لا يعدو أن يكون ظناً من رواته ، اللهم إلا ما روي عن جابر بن عبد الله - رضي الله عنه - أنه قال : " ليس في الحلي زكاة " ، وذكر الشافعي أنه روي مثله عن أنس وابن عباس ، غير أنه شك في صحة ذلك عنهما حيث قال : ولا أدري أثبت عنهما .
أما المروي عن عائشة فهو ما أخرجه مالك في الموطأ أن عائشة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - كانت تلي بنات أخيها يتامى في حجرها يلبسن الحلي فلا تخرج عن حليهن الزكاة ، وروى مثله ابن أبي شيبة عنها وعن عمرة .
وروى مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - كان يحلي بناته وجواريه الذهب ثم لا يخرج عن حليهن الزكاة ، وروي عن أسماء كذلك أنها كانت لا تزكي(4) الحلي ، وهذه الروايات كلها لا يمكن الاعتماد عليها في اعتبار ذلك رأياً لهؤلاء الصحابة .
إما أولاً : فإن الرواة لم يصرحوا بالطريق التي علموا منها ذلك عنهم ، ومن المحتمل أن يكونوا بنوا هذه الرواية على عدم اطلاعهم على تزكية أولئك الصحابة لحليهم ، فظنوا ذلك مذهباً لهم ، مع أن الزكاة لا يتقيد أداؤها بساعة معلومة يمكن للراوي أن يلازم فيها المروي عنه ، فيحكم عليه بعدم أدائها إن لم يره أداها ، وإنما وقتها مطلق فيتأتى أداؤها في حال مفارقة الراوي للمروي عنه ، وإن كان كثير التلبس به كنافع مع ابن عمر ، وما الذي يمنع أن يكون ابن عمر يؤدي هذه الزكاة في غيبة نافع عنه ، وأن تكون عائشة تؤديها عن أولاد أخيها من مالها من غير علمهم ، على أنها قد روي عنها - رضي الله عنها - نص في زكاة الحلي ، فقد روى عنها البيهقي أنها قالت : " لا بأس بالحلي إن أعطيت زكاته " . ورواه عنها ابن حزم في المحلى ، كما روي من طريق حسين المعلم عن سالم عن عبد الله بن عمر أنه كان يأمره بذلك كل عام ، وهاتان الروايتان أرجح في الاعتبار من رواية النفي ، لأن المثبت مقدم على النافي ، ولا ريب أن سالماً أكثر اطلاعاً على خاصية أبيه عبد الله من نافع مولاه ، وأن عروة الراوي عن عائشة - رضي الله عنها - أدرى بأحوالها من القاسم وعمرة لكثرة روايته عنها، وما وافق الحديث المرفوع من رأى الراوي هو أرجح مما خالفه .
واستدل المسقطون للزكاة في الحلي بأن الحلي قد يكون من الجواهر الغالية التي تفوق الذهب والفضة ، فلماذا تسقط منها الزكاة  وتجب إن كان ذهباً أو فضة ، وبأن الأصل في الزكاة أن تكون من عين المزكى وذلك متعذر هنا .
وهذا مدفوع ، لأن الزكاة عبادة وهي تتوقف على التوقيف ، ولاحظ للنظر مع الأثر، على أنه لا يبعد أن تكون الزكاة في الحلي الذهبي والفضي دون ما إذا كان من سائر المعادن لأجل أن الذهب والفضة تتوق إليهما الأنفس أكثر من غيرها لأنهما الأصل في الثمنية ، ومن ناحية أخرى فإن معرفة عامة الناس بهما أكثر من معرفتهم بغيرهما ، ففي تزكية الحلي منهما جبر لخواطر الفقراء المحرومين ، وهذا كما حرم التأني بهما دون غيرهما مما هو أغلى منهما ، وعليه فيكون أداء زكاتهما من غير الحلي مما هو من جنسه أو بقدر الثمن يعتبر حقاً واجباً في ذمة صاحب الحلي ، كوجوب حق زكاة الفطر وهي زكاة الأنفس من غير جنس المزكى عنه والله أعلم .
(1) الآية رقم - 34 - 35 من سورة التوبة.
(2) الآية 59 من سورة يونس.
(3) ما روي عن الحسن : - رواه ابن أبي شيبة .
(4) وروي عن أسماء أنها كانت لا تزكي . رواه أبي شيُبه .