القائمـة البريدية
أدخل عنوان بريدك ليصلك جديدنا

المكتبة السمعية
المكتبة المرئية
مختـارات الفتـاوي
-------( فارغ )-------
حكم صلاة الجماعة ودعوى أفضلية صلاة المنفرد لفساد الناس
السؤال : ما الحكم في رجل لا يصلي في جماعة ، ويرى أن صلاته منفردا في هذا الزمن خير من الصلاة في جماعة لعموم الفساد وكثرة المنافقين ، الذين لا يطمئن بالصلاة خلفهم فما حكم ظنه هذا ؟ وهل تقبل صلاته منفردا ؟
صلاة الجماعة فرض عين على القول الصحيح الذي تدل عليه أدلة الكتاب والسنة ، فالله تعالى يقول { وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ} (1) "وقال سبحانه {يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ (42) خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ وَقَدْ كَانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَهُمْ سَالِمُونَ (43)}(2) ، فإن كثيرا من التابعين قالوا إن هذا الوعيد خاص في المتخلفين عن صلاة الجماعة من بعد الأمر ، ونصوص السنة تدل كذلك على فرضية الجماعة على الأعيان : منها قوله - صلى الله عليه وسلم - "لقد هممت أن آمر بحطب فيحطب ، ثم آمر بالصلاة فيؤذن لها ، ثم آمر رجلا يؤم الناس ، ثم أخالف إلى رجال لا يشهدون الصلاة فآحرق عليهم بيوتهم بالنار" رواه الربيع والشيخان عن أبي هريرة - رضي الله عنه -، وتركه- صلى الله عليه وسلم لتحريق بيوتهم بعدما هّم اشفاق منه على الأطفال والنساء الذين في البيوت ، كما جاء في رواية أحمد بلفظ "لولا ما في البيوت من النساء والذرية"، ومنها حديث ابن أم مكتوم عند مسلم وأحمد وأبي داود والشافعي وابن حبان ، فقد جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم - وكان أعمى - فشكى إليه شسوع الدار ، وعدم القائد ، وكثرة الهوام والسباع في طرق المدينة، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم - «هل تسمع النداء ؟» قال له : نعم. فقال له : « أجب إذا فإني لا أجد لك رخصة »، وإذا كانت الرخصة لا توجد لمثل هذا، فأحرى ألا تكون للمبصرين الذين يتمتعون بوافر الصحة. وروى أحمد وابن حبان والحاكم وغيرهم بإسناد صحيح على شرط مسلم عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ عن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ أنه قال: « من سمع النداء إلى الصلاة فلم يجب فلا صلاة له إلا من عذر » قيل له: وما العذر يا رسول الله؟ قال: « خوف أو مرض »، والأحاديث في هذا كثيرة وآثار السلف من الصحابة والتابعين أكثر من أن تحصى، منها ما روى الجماعة إلا البخاري والترمذي عن ابن مسعود ـ رضي الله عنه ـ قال: (( من سره أن يلقى الله غدا مسلما فليحافظ على هؤلاء الصلوات الخمس حيث ينادى بهن )) ـ يعني في الجماعات ـ ((فإن الله شرع لنبيكم سنن الهدى وإنها لمن سنن الهدى، ولو صليتم في بيوتكم كما يصلي هذا المتخلف في بيته لتركتم سنة نبيكم محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ ولو تركتم سنة نبيكم لضللتم ولو ضللتم لهلكتم، ولقد رأيتنا مع رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ولا يتخلف عنها إلا منافق معلوم النفاق، ولقد رأيت الرجل يهادى بين الرجلين من المرض حتى يقيماه في الصف )).. ا هـ وبالجملة فإن التهاون بصلاة الجماعة والإعراض عنها ليس من شيمة المؤمن، وإنما ذلك من درن المنافقين ـ والعياذ بالله ـ، فهذا الرجل المعرض عنها بدعوى اختلاف حكمها باختلاف الزمن ليس من العلم والإيمان في شيء ليت شعري هل هذا أنزل عليه شرع جديد ناسخ لحكم وجوبها؟ وإنما عليه أن يتدارك نفسه بالتوبة إلى الله وملازمة صلاة الجماعة لأن لا يلقى الله بدون إيمان ولا عمل، وأسأل الله السلامة في الدارين، وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه. والله أعلم.
(1) الآية رقم 43 من سورة البقرة.
(2) الآيتان رقم 42 و 43 من سورة القلم.