القائمـة البريدية
أدخل عنوان بريدك ليصلك جديدنا

المكتبة السمعية
المكتبة المرئية
الزنا مرضٌ اجتماعيّ خطير
بتاريخ 10 ديسمبر 2012
سماحة الشيخ أحمد بن حمد الخليلي

بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

الزنا مرضٌ اجتماعيّ خطير

 

  الحمدُ للهِ ذِي الجَلالِ والإكْرامِ ، والفضْلِ والإنْعَامِ ، الذي أغْنَى عِبادَهُ بحلالِهِ عَنِ الحرَامِ ، وبطاعَتِهِ عنِ الآثامِ ، سُبحانَهُ دقَّتْ في كُلِّ أمْرٍ حِكمتُهُ ، وجلَّتْ في كُلِّ شَيْءٍ مشيئتُهُ ، وتجلَّتْ في كُلِّ حادثٍ قُدرتُهُ ، أحمدُهُ تعالى بما هُوَ لهُ أهْلٌ مِنَ الحمْدِ وأُثْني عليهِ ، وأستغفِرُهُ مِنْ جميعِ الذُّنوبِ وأتوبُ إليهِ ، وأؤمنُ بهِ وأتوكّلُ عليهِ ، مَنْ يهْدِهِ اللهُ فلا مُضِلَّ لهُ ، ومَنْ يُضلِلْ فلا هاديَ لهُ ، وأشْهدُ أنْ لا إلهَ إلا اللهُ وحْدَهُ لا شريكَ لهُ ، ذو الأمْرِ الرّشيدِ ، والبَطْشِ الشّديدِ ، المُبْدئُ المعيدُ ، الفعّالُ في خلقِهِ بما يريدُ ، وأشْهدُ أنَّ سيّدَنا ونبيَّنا محمّداً عبدُهُ ورسولُهُ ، أرسلَهُ بحُجّةِ الحقِّ ودعوةِ الصدقِ ، فبلّغَ الرِّسالةَ ، وأدّى الأمانةَ ، ونصَحَ الأمّةَ ، وكشفَ الغُمّةَ ، اللهمَّ صَلِّ وسلِّمْ وبارِكْ على عبْدِكَ ورسولِكَ سيّدِنا محمّدٍ ، وعلى آلِهِ وصحْبِهِ ، وعلى كُلِّ مَنِ اهْتدى بهدْيهِ ، واستنَّ بسُنّتِهِ ، وسارَ على نهجِهِ ، ودعا بدعوتِهِ إلى يومِ الدِّينِ ، أمّا بعدُ :

  فيا عبادَ اللهِ :

   إذا كانتِ المعاصي كلُّهَا ذاتَ خطرٍ نفسيٍّ واجتماعيٍّ ؛ فإنَّ الزِّنا مِنْ أشدِّها خطراً ؛ لأنّهُ يهدِمُ البُيُوتَ ، ويحطِّمُ الفضائِلَ ، ويقضِي على الأخْلاقِ ، ويخلِطُ بينَ الأنسَابِ ، ويسبِّبُ كثِيراً مِنَ الأمراضِ النَّفْسيّةِ والجسَديّةِ ، ولذلكَ شدَّدَ اللهُ سبحانَهُ وتعالى فيهِ ، فقدْ قالَ عزَّ مِنْ قائلٍ في تحريمِهِ : } وَلاَ تَقْرَبُواْ الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاء سَبِيلاً { ( الإسراء/32) ، وفي قولِهِ سبحانَهُ : } وَلاَ تَقْرَبُواْ { ما يُشِيرُ إلى أنَّهُ لا يحرمُ الزِّنا فحسْب ، وإنما يحرمُ الحَوْمُ حولَهُ والاقترابُ مِنْهُ ، فكلُّ سببٍ مِنْ أسبابِ الزِّنا هو محرّمٌ ، ولذلكَ كانتِ العَيْنَانِ تزنيانِ ، واليدَانِ تزنيانِ ، والرِّجلانِ تزنيانِ ، فيُصَدِّقُ ذلكَ ويُكذِّبُهُ الفرْجُ ، وقدْ شدَّدَ اللهُ سبحانَهُ وتعالى في عُقُوبةِ الزِّنا إِذْ قالَ عزَّ مِنْ قائلٍ : } الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُم بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ { ( النور/2) ، وبيّنتِ السُّنةُ النَّبَوِيّةُ على صاحِبِها أفْضَلُ الصّلاةِ والسّلامِ أنَّ هذه العقوبةَ إنما هي في الزَّاني البِكْرِ ، وأمّا الزَّاني المُحْصنُ فعقوبتُهُ الرَّجْمُ بالحجَارةِ حتى يُقضَى على حياتِهِ سواءً كانَ ذكراً أوْ أنثى .

     ولأجْلِ فَظَاعةِ الزِّنا وفُحْشِهِ جُعِل الرّميُ بهِ منْ أكبرِ أسْبابِ الإثمِ ، وكانتْ لهُ عقوبةٌ خاصّةٌ ليستْ في الرّميِ بأيِّ معصيةٍ أُخْرى ، وليستْ عقوبةً واحدةً فقط بلْ هي عُقُوبتانِ : عقوبةٌ جسديّةٌ وعقوبةٌ اجتماعيّةٌ ، يقولُ سبحانَهُ وتعالى : } وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاء فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ { ( النور/4) ، فالعقوبةُ الجسديّةُ هي الحَدُّ الشَّرعيُّ ، وهو الجلدُ ثمانينَ جلْدةً ، والعقوبةُ الاجتماعيّةُ هي منْعُ قَبُولِ شهادةِ هؤلاءِ ، ولأجْلِ هوْلِ الزِّنا وخُطُورتِهِ جُعِلتِ الشهادةُ عليهِ مِنْ أدقِّ الشّهاداتِ ، وجُعِلتْ أعظمَ مِنْ أيِّ شهادةٍ أُخْرى ، فيُشترطُ في الزِّنا أنْ يَشهدَ أربعةُ عدولٍ ، ويُشترطُ أنْ تكونَ شهادتُهُم أدقَّ ما تكونُ ؛ بحيْثُ يَصِفُونَ العمليةَ الخطيرةَ ـ عمليةَ الفاحشةِ ـ ويُبيّنونها تبييناً دقيقاً بحيثُ يذكرونَ أنَّهم شاهدُوا دخولَ الآلةِ في الآلةِ كدخولِ المَيْلِ في المُكْحَلةِ ، وإذا قصَرتِ الشهادةُ عنْ ذلكَ كانَ شهودُها يستحِقُّونَ حدَّ القاذفِ ، ويُبيّنُ سبحانَهُ وتعالى أنَّ عِبادَهُ مُبرّؤونَ مِنَ الزِّنا كما أنّهم مُبرَّؤونَ مِنَ الشِّركِ ، ومُبرَّؤونَ مِنْ قتْلِ النّفْسِ المُحرّمةِ إِذْ قالَ فيهمْ : } وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا { ( الفرقان/69 ) .

     وحذَّرَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم  مِنَ الزِّنا ، فقدْ تواترتِ الأحاديثُ الدّالّةُ على خُطُورةِ الزِّنا ، مِنْها قولُهُ عليْهِ أفضلُ الصّلاةِ والسّلامِ : « لا يَزني الزَّاني حِينَ يَزني وهو مُؤمِنٌ » ، ومَنْها قولُهُ صلواتُ اللهِ وسلامُهُ عليهِ : « إذا زنا العبْدُ خُلِعَ مِنْهُ الإيمانُ كما يَخلَعُ الإنسانُ القميصَ مِنْ رأسِهِ » ، وفي رِوايةٍ عنْ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم  : « إنَّ للإيمانِ سِرْبالاً يُسرْبِلُهُ اللهُ مَنْ يشاءُ مِنْ عِبادِهِ ، فإذا زنا العبْدُ خَلَعَ اللهُ مِنْهُ سِرْبالَ الإيمانِ ، فإنْ تابَ أعادَهُ إليهِ » ، وجاءَ في الحديثِ الصحيحِ عنْ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم  : « ثلاثةٌ لا يُكلِّمُهم اللهُ ، ولا ينظرُ إليهم يومَ القيامةِ ، ولا يُزكِّيهم ، ولهمْ عذابٌ أليمٌ : شيخٌ زانٍ ، ومالِكٌ كذّابٌ ، وعائِلٌ مُسْتكبِرٌ» ، وجاءَ أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم  سُئِلَ عنْ أكبرِ الكبائرِ ؟ فأجابَ أنَّهُ الشِّركُ ، ثُمَّ سُئِلَ عمَّا بعْدَ ذلكَ ، فقالَ : « قتْلُ الولدِ خشيةَ أنْ يَطْعمَ مِنْ طعامِ أبيهِ » ، ثُمَّ سُئِلَ عمّا بعْدَ ذلكَ ، فقالَ : « الزِّنا بحَلِيْلةِ الجارِ » ، وهكذا جاءتِ الأحاديثُ عنْ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم  مبيِّنةً خطورةَ الزِّنا ، ولا تقِفُ خطورةُ الزِّنا عنْدَ هذا الحدِّ ، بلْ كما أنَّ خُطورةَ الزِّنا دينيّةٌ هي أيضاً دُنْيويّةٌ ، ففي الحديثِ عنِ الرَّسولِ صلى الله عليه وسلم  : « ما ظهرَ في قومٍ الرِّبا إلا ظهَرَ فيهم الجُنُونُ، وما ظهَرَ في قومٍ الزِّنا إلا ظهَرَ فيهم الموتُ » ، ولَعمْرِي إنَّ هذا الحديثَ لهو عَلَمٌ مِنْ أعلامِ نبوّتِهِ عليهِ أفضلُ الصّلاةِ والسّلامِ ، وآيةٌ مِنْ آياتِ صِدْقِهِ ، فقدْ تفشّتِ الأمراضُ الزِّنائيّةُ في المجتمعاتِ المنحلّةِ التي خَلعَتْ لباسَ الفضيلةِ ، وانطلقَتْ مِنْ قُيُودِ الآدابِ والأخلاقِ ، تفشّتِ الأمراضُ ، وبلغَتْ نحوَ ثلاثينَ مَرَضاً ، مِنْها تلكَ العلّةُ الفتّاكةُ التي لا تُبْقِي ولا تذرُ ، والتي أخذَتْ تحصدُ هذه المجتمعاتِ حصْدَ النارِ الهشيم ، وأخذتْ تعصفُ بحياةِ الرجالِ والنساءِ كما تعصفُ الريحُ العقيمُ بالأوراقِ اليابسةِ والثمراتِ الناضجةِ ، تلك العِلّةُ هي التي أطلقوا عليها زوراً وبهتاناً طاعونَ الحبِّ ، وإنها في الحقيقةِ طاعونُ الفسوقِ وضريبةُ الفجورِ ، يؤديها عبَدَةُ الشهواتِ الذين لا يتقيّدون بالأخلاقِ ، هذه العِلّةُ الخطيرةُ تجمعُ ما بين عذابين خطيرين لا يُطاقانِ : عذابٌ جسديٌّ وعذابٌ نفسيٌّ ، وقد أخذتْ تأتي على حياةِ الجماهيرِ إتياناً خطيراً ، وما هي إلا نفحةٌ من عذابِ اللهِ سبحانه وتعالى ، } وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ { (هود/102) ، } إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ * إِنَّهُ هُوَ يُبْدِئُ وَيُعِيدُ * وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ * ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ * فَعَّالٌ لِّمَا يُرِيدُ { ( البروج/12 ـ 16) .

    وإذا كانتْ هذه العلةُ أخذتْ مأخذاً في نفوسِ الذين تحلّلوا من كلِّ القِيَمِ الدينيةِ ؛ فإنّ على المسلمين أن يُفكِّروا جديّاً ، وأن يُدرِكوا أنّ الدواءَ في التمسكِ بأخلاقِ الإسلامِ وبفضائلِ الإسلامِ ، واللهُ سبحانه وتعالى قد سدَّ كلَّ بابٍ من أبوابِ الفسادِ ، وأغلقَ كلَّ نافذةٍ من نوافذِ الفجورِ بما شرعَ من آدابٍ إجتماعيّةٍ وقيودٍ أخلاقيّةٍ ، من هذه القيودِ غضُّ الأبصارِ ، ومن هذه القيودِ التزامُ الحجابِ الشرعيٍِّ ، فاللهُ سبحانه وتعالى يقولُ : } قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ * وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُوْلِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاء وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ { ( النور/31) .

    فاتقوا اللهَ يا عبادَ اللهِ ، وحاسِبُوا على قِيَمِ الإسلامِ وآدابِه وأخلاقِه ، واشكرُوا نعمةَ اللهِ عليكم إذْ هداكم للإسلامِ ، وأغناكم بحلالِه عن الحرامِ ، وبطاعتِه عن الآثامِ ، أقولُ قولي هذا ، وأستغفرُ اللهَ العظيمَ لي ولكم ، فاستغفِرُوا اللهَ يغفِرْ لكم ؛ إنه هو الغفورُ الرحيمُ ، وادعوه يستجِبْ لكم ؛ إنه هو البرُّ الكريمُ .

*          *            *

    الحمدُ للهِ ربِّ العالمين ، والعاقبةُ للمتقين ، ولا عدوانَ إلا على الظالمين ، أحمدُه تعالى بما هو له أهلٌ من الحمدِ وأشكرُه ، وأتوبُ إليه من جميعِ الذنوبِ وأستغفرُه ، وأؤمنُ به ولا أكفرُه ، وأُعادي من يكفرُه ، وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحده لا شريكَ له ، وأشهدُ أنّ سيدَنا ونبيَّنا محمداً عبدُه ورسولُه ، اللهمَّ صلِّ وسلِّمْ وباركْ على عبدِكَ ورسولِكَ سيدِنا محمدٍ ، وعلى آلِه وصحبِه ، وعلى أتباعِه وحزبِه إلى يومِ الدِّينِ ، أما بعدُ :

   فيا عبادَ اللهِ إذا كانَ إطلاقُ البصَرِ وتبرّجُ النساءِ سببينِ رئيسيينِ من أسبابِ العُهْرِ والفجورِ ؛ فإنّ هنالك أسبابٌ أخرى يجبُ على المسلمين أن يُدرِكوها ، من هذه الأسبابِ الاختلاطُ بين النساءِ والرجالِ ؛ فإنّه مرضٌ خطيرٌ ، فقد حرّم الإسلامُ خلْوَة الرجلِ بالمرأةِ، ففي الحديثِ الصحيحِ عن رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم  : « لا يخلُونَّ رجلٌ بامرأةٍ إلا مع ذي محرمٍ»، وفي حديثٍ آخرَ عن الرسولِ صلى الله عليه وسلم  : « ما خلا رجلٌ بامرأةٍ إلا كان الشيطانُ ثالثَهما»، ومن هذه الأسبابِ : تفشي الأفلامِ الخليعةِ والمسلسلاتِ الهابطةِ التي تحرِّكُ الغرائزَ ، وتبعثُ العواطفَ في نفوسِ الشبابِ ، ومن هذه الأسبابِ : الصورُ العاريةُ التي تأتي بها الصحفُ الماجنةُ الساقطةُ ، ومن هذه الأسبابِ : الأدبُ المكشوفُ الداعِرُ ، ومن هذه الأسبابِ : القصصُ الماجِنُ ، ومن هذه الأسبابِ : غلاءُ المهورِ الذي يحولُ بين الشبابِ والزواجِ ، ومن ثَمَّ فإنني أناشِدُ ولاةَ أمورِ المسلمين وخاصَّتَهم وعامّتَهم أن يعالجوا هذه الأمراضَ الخطيرةَ الفتّاكةَ التي لا تُبقي ولا تذرُ بعدةِّ أمورٍ ، أولُّها : فرْضُ الحجابِ الشرعيِّ على النساءِ امتثالاً لأمرِ اللهِ سبحانه وتعالى وأمْرِ رسولِه ـ عليه أفضلُ الصلاةِ والسلامِ ـ ، ثانيها : منعُ الاختلاط منعاً نهائيّاً في ميادينِ العملِ ، وفي أماكنِ الدراسةِ ، وفي المرافقِ العامةِ حتى لا تكونَ هنالك فتنةٌ ما بين الرجالِ والنساءِ ؛ فإنّ الاختلاطَ هو الذي يُهيِّئُ الفرصَ للتلاقي وما يتبعُه من الفجورِ ، والعياذُ بالله ، ثالثُها : تطهيرُ وسائلِ الإعلامِ من المسلسلاتِ الهابطةِ والأفلامِ الخليعةِ ، رابعُها : تنقيةُ الصحافةِ من الصورِ الماجنةِ ، ومن القصصِ الخليعِ الذي لا يُبقي ولا يذرُ من القِيَمِ والفضائلِ والأخلاقِ ، خامسُها : تنقيةُ الأدبِ من الغزَلِ الهابطِ الذي يحرِّكُ في نفوسِ الشبابِ دواعيَ الفجورِ ، سادسُها : تيسيرُ مؤونةِ الزواجِ ، والتقليلُ من الغراماتِ والنفقاتِ فيه ؛ فإنّ ذلك مما يحصنُ الشبابَ ، ويُغنيهم بالحلالِ الطيبِ عن الحرامِ الخبيثِ .

    فاتقوا اللهَ يا عبادَ اللهِ ، واعملوا بوصايا اللهِ سبحانه وتعالى ، واجتنِبُوا ما نهاكم اللهُ تباركَ وتعالى عنه ، واحذرُوا عقوبةَ اللهِ فإنَّ عقابَ اللهِ عزَّ وجلَّ شديدٌ ، واللهُ سبحانه وتعالى يُجلِّي للناسِ آياتِه في الأنفسِ وفي الآفاقِ بما يكشفُه لهم من الأمراضِ ، التي تنشأُ عن الزنا وعن جميعِ أسبابِ الإثمِ ، فاتقوا اللهَ ، واعملوا بوصايا اللهِ ووصايا رسولِه ـ عليه أفضلُ الصلاةِ والسلامِ ـ .