القائمـة البريدية
أدخل عنوان بريدك ليصلك جديدنا

المكتبة السمعية
المكتبة المرئية
مختـارات الفتـاوي
-------( فارغ )-------
حكم اللواط
السؤال : ما حكم إتيان الرجل الرجل ؟ وما هو الحدّ الشرعي فيهما ؟
بئس الصنيع ذلك ، فإنه من الفواحش الموبقات ، وقد أنكره الله على قوم لوط إذ كانوا يأتونه متنكرين للفطرة السوية التي فطر الله عليها خلقه ، وصب عليهم من العذاب بسببه ما أباد خضراءهم واستأصل شافتهم ، وجعلهم عبرة لأولي الألباب ، وحكى قصتهم في كتابه بما فيه ردع ومزدجر لكل من كان له قلب ، وكان فيما حكاه من مجادلة لوط - عليه السلام - لهم قوله: {أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ الْعَالَمِينَ (165) وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ عَادُونَ (166)}(1)، وقال فيما - أصابهم من العذاب {ثُمَّ دَمَّرْنَا الْآخَرِينَ (172) وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ مَطَرًا فَسَاءَ مَطَرُ الْمُنْذَرِينَ (173)}(2) ، وقال في هلاكهم : {فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ مَنْضُودٍ (82) مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ وَمَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ (83)}(3) ، ولا ريب أن فحش هذه الجريمة أعظم من فحش الزنا الذي هو من الكبائر الموبقات ، فإنها مع استيفائها قبائحه تزيد عليه بما فيها من الشذوذ عن الفطرة ، ولذلك تنفر عن الانحدار إلى دركاتها الهابطة طبائع الحيوانات ، فما للإنسان - وقد أكرمه الله بمزايا ترفع قدره وتسمو بنفسه - يرضى أن يتساقط إلى ما دون قدر البهيمة العجماء ، فيرتكس في حمأة هذه الرذيلة ، ويلتطخ برجسها وينقلب بنارها وعارها؟ ما هو - والله - إلا مسخ للطبيعة ، وتعفن في الفطرة ، والله المستعان . وأما عقوبة من ارتطم بهذا المنكر ، وانغمس في هذا الرجس ، ففيها خلاف بين أهل العلم ، قيل : هي حد الزنا نفسه بنوعيه في المحصن والبكر ، وقيل : هي أن يرمى به  من شاهق ، فإن لم يمت رمي بالحجارة حتى يموت ، لأن الله أهلك قوم لوط بحجارة من سجيل منضود ، وقيل بل يقتل حداً ، سواء كان بكراً أم محصناً ، وهو الأصح للحديث . فقد روى أحمد وأصحاب السنن - إلا النسائي - والحاكم والبيهقي عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : «من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط فاقتلوا الفاعل والمفعول به»(4) ، ويعتضد الحديث بما روي عن جماعة من الصحابة - رضي الله عنهم - من القول بذلك وتطبيقه  فالأخذ به أولى والله أعلم .
(1) الآية رقم 165 - 166 من سورة الشعراء.
(2) الآية رقم 172 - 173 من سورة الشعراء.
(3) الآية رقم 82 - 83 من سورة هود.
(4) رواه أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه وغيرهم.