القائمـة البريدية
أدخل عنوان بريدك ليصلك جديدنا

المكتبة السمعية
المكتبة المرئية
الأمة الواحدة
بتاريخ 12 مارس 2013
سماحة الشيخ أحمد بن حمد الخليلي

 

الأمة الواحدة

أهمّ ما ينبغي أن يحمله الإنسان من الهمّ همّ الأمّة، فإنّ الأمّة إن ضعفت ضعف الدين، إذ الدين يتمثل في الأمة، فعندما تقوى الأمة يقوى الدين، وعندما تضعف الأمة يضعف، ويؤسفنا كثيرا أن نجد في أوساط هذه الأمة الواحدة، الأمة المؤمنة التي جعلها الله -تبارك وتعالى- ذات كتابٍ واحدٍ، ورسالةٍ واحدةٍ، ومعتقدٍ واحدٍ، وتؤمُّ جميعا قبلةً واحدةً، أن يوجد في هذه الأمة نفسها من يحاول تشتيت الشّمل، وتمزيق الجمع، وإيجاد أسباب العداوات فيما بينها.

الناس كثيرا ما يتحدثون عن الأمور الخلافية بين الأمة، ولَيْتَهُم بقدر ما يتحدثون عن هذه القضايا الخلافية يتحدثون عن الجامع الذي يجمع هذا الشتات، كم من قضية تجمع الشتات، كم من مبدإٍ يجمع الشتات لو أُحْسِنَ استغلاله.

أولا قبل كل شيءٍ أركان الإسلام لا خلاف فيها بين الأمة، فشهادة أنْ لا إله إلا الله وأنَّ محمدا رسول الله لا خلاف فيها، وإقام الصلاة أمرٌ لا خلاف فيه، وإيتاء الزكاة أمرٌ لا خلاف فيه، وصيام رمضان أمرٌ لا خلاف فيه، وحج بيت الله الحرام أمرٌ لا خلاف فيه.

ثم إن القبلة التي يؤمها المسلمون جميعا يتجهون إليها في صلاتهم ويقصدونها في حجهم هي قبلة واحدة، تجمع الشتات وتوحّد الصّف، وبجانب هذا أيضا الكتاب العزيز الذي هو الدستور الخالد لهذه الأمة هو كتاب واحد وهو القرآن الكريم، ولا خلاف فيه من بدايته إلى نهايته، أو مِنْ أَلِفِهِ إلى يَائِه، أو من فاتحته إلى خاتمته، هو لا خلاف فيه بين الأمة.

وكذلك أيضا عندما نرجع إلى سنّة رسول الله صلى الله عليه وسلم، الكلُّ مُجْمِعُون على وجوب الأخذ بالسنة، الإجماع أيضا الكل مجمعون على وجوب الأخذ بالإجماع عندما تكون دلائل الإجماع واضحة لا خلاف في ذلك، إنما الخلاف في أشياء قد يمكن أن نفسّرها أنها أشياء جزئية، فلماذا مع الاتحاد في الكليات لا نتحدّث فيما اتحدنا فيه وفيما اتفقنا عليه، وفيما يجمع هذا الشتات، شتات هذه الأمة؟!

فهذه الأمور يجب أن تثار، ومع هذا نحن لا نمنع أن يكون هناك حوارٌ في هذه الأمور الجزئية التي ربما وقع فيها خلافٌ بين الأمة، مع حسن الظنّ، بحيث يُحسن كل فريق ظنّه بالفريق الآخر، على أن يكون هذا الحوار هادئا وهادفا، لا أن يكون لأجل التشهير أو لأجل غلبة فريق على فريق، بل عندما تكون النوايا صافية ويكون الهدف واضحا، وتكون الغاية هي جمع الكلمة، لا ريب أنّ الحـوار بـهذه الطريقة يؤتي ثماره، ويؤدّي إلى نتـائج إيجابية -بمشيئة الله -سبحانه وتعالى-، تؤتي ثمارها ونصل إلى الغاية التي ننشدها منذ قديم الزمان.